في الذكرى 74 للنكبة.. فلسطين جرح الأمة النازف

وتعود القضية الفلسطينية للواجهة بقوة، تتصدر الأخبار بعد اغتيال ابنة القدس، الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي أفنت أزيد من ربع قرن من عمرها في فضح جرائم العدو وكشفها للعالم.
تُقتل اليوم وأمام العلن بدم بارد، ويُنكّل بجثمانها في التابوت بوحشية ليس لها مثيل، لتكشف حقيقة العدو الصهيوني الذي حاول في السنوات الأخيرة تلميع وجهه أمام العالم بعد عمليات التطبيع مع حكام العرب.
ويصادف هذا الحدث الذي اهتز له العالم العربي، الذكرى الرابعة والسبعين للنكبة الفلسطينية، ذكرى المجازر والتهجير والاضطهاد والتعذيب، ذكرى احتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة ما يسمى بدولة “إسرائيل” بعد تهجير ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، ذكرى طالما تمنى الفلسطينيون وأحرار العرب معهم، أن تظل مجرد حكاية يرويها الأجداد لأحفادهم، وهم يعمرون ما دمره العدو من مبانيهم، ويغرسون ما أُتلف من خيرات أراضيهم، ويبنون من جديد صرح مجدهم ونهضتهم، وأن يختفي الخوف من جفون أطفالهم، ويحتل الفرح قلوب الأمهات بعودة الأسرى من فلذات أكبادهم، وأن يختفي المشهد الفلسطيني الذي عمر طويلا من الشاشات؛ مشهد القتل والدماء والدمار، مشهد النكبة التي طالما تمنينا زوالها.
لكن واقع الحال يقول؛ إن فلسطين ولأزيد من سبعة عقود، ما زالت تعيش في كل يوم نكبة؛ نكبة اغتيال صحافييها وشهدائها، نكبة اعتقال قياداتها وتعذيب شبابها، نكبة اقتحام مخيماتها والاعتداء على أطفالها ونسائها، نكبة تهجير المواطنين واغتصاب أراضيها، نكبة محاولات مسخ وتهويد الأرض والاعتداء على تاريخها وجغرافيتها، نكبة التنكيل بالجثامين وهي في تابوتها، بل وفي مقابرها..
نكبة خلفت جرحا عميقا في صدر الأمة العربية والإسلامية، جرح مفتوح، كبرت فجوته أكثر وتضاعفت آلامه بشكل أكبر بعد سلسلة التطبيع من قبل الحكام العرب؛ الذين هرولوا لوضع يدهم في أيدي ملطخة بدم إخوتهم، والتقطوا صورا بجانب مجرمي الحرب ومغتصبي الأراضي الفلسطينية.. خنجر خيانات غرسوه في قلوب شعوبهم، المخلصين لقضية عقيدتهم ومقدساتهم في فلسطين، المتوحدة عقولهم وقلوبهم حول نصرة القضية الفلسطينية..
جرح ينزف بينما المحتل الغاشم يتفنن كل يوم في مضاعفة آلامنا، متوهما أنه بذلك قد نجح في احتلال الأرض، متناسيا أن حب فلسطين، واليقين بعودة اللاجئين، والتمسك بالهوية والثقافة الفلسطينية، يقين يسكن الفلسطيني والعربي، يعيش به وله..
هو عشق أسطوري تفوّق على كل ما جادت به قريحة الكتاب والشعراء، عشق للأرض سطره الفلسطيني بدمه ودماء أبنائه، ليخلف أطول قصة تراجيدية على مر التاريخ في حب الوطن، والتمسك بحق العودة وتحرير الأرض..