خطوة نحو الكمال (5) | نساء كاملات -2-

تحدثت الأستاذة السعدية بيرات، في الحلقة التي بين أيدينا من برنامج “خطوة نحو الكمال” الذي تبثه قناة الشاهد الإلكترونية، عن الشخصية الثانية الموسومة بالكمال منطلقة من أحاديث نبوية، ساقتها في الحلقة السابقة، وهي السيدة مريم بنت عمران.
سردت بيرات قصة مريم قائلة: “عمران كان إماما في المسجد الأقصى، وزوجته حنة كانت امرأة عقيما، نظرت حنة في المسجد الأقصى فرأت غلمانا يعملون فيه فحزنت وقالت: لو كان لي غلام لجعلته مع هؤلاء الأطفال يعملون في المسجد، ولربما كان إماما في المسجد. بعد ذلك حملت حنة فنوت أن تهب حملها لله عز وجل وتفرغه لخدمة المسجد، لكن إرادة الله شاءت أن يموت عمران زوجها قبل أن تلد مولودها، فنذرت حنة ما في بطنها طلبا أن يكون محررا وخليفة لأبيه في المسجد الأقصى، فقالت: رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّىٓ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ؛ محررا لبيتك وخدمته. فلما وضعت حنة وضعت أنثى فقالت معتذرة لله: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى، فكيف ستخدم البيت ولم تكن الأنثى آنذاك توهب للمسجد؟ لكن مشيئة الله قضت بذلك. وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
بعد أن وضعت حنة أتت بها إلى المسجد، فأراد الجميع أن يكفلها لأنها ابنة إمام المسجد، فأقرعوا قرعة فأخذها زكرياء عليه السلام، وهو زوج خالتها.
سيدتنا مريم كانت الملائكة دائما معها، لأنها دائما في عبادة وذكر لله وهي طفلة، حتى بشرتها الملائكة بسيدنا عيسى عليه السلام؛ بأن الله تعالى سيهب لها غلاما زكيا، وهي العفيفة الطاهرة العابدة، تقبلها الله تعالى ورفعها من مقام إلى مقام، فربت وأنشأت ولدا كان له شأن عظيم وصار نبيا ورسولا، فكان كمالها هو إتقان دورها الأساسي ووظيفتها الأولى كامرأة، وهي حفظ الفطرة وصناعة الرجال، فاستحقت بذلك الكمال الخيرية فكانت خير نساء العالمين، وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.
مريم الكاملة ربت رجلا عظيما كانت هي خلفه امرأة عظيمة، فبلغت مرتبة القداسة بأمومتها وتربيتها لسيدنا عيسى عليه السلام”.