مومنات نت

Top Menu

  • اتصل بنا
  • الرئـــيسة
  • الرئيسية
  • مقالات مثبتة

Main Menu

  • الرئيسة
    • ومضات
    • وسائط
    • ملفات
  • عين على الآخرة
    • مع كتاب الله
    • أساسيات في العبادة
    • روح العبادة
  • منطلقات
  • نساء صدقن
  • مع الأسرة
    • أبناؤنا
    • الزواج
    • خلق وذوق
    • صحتك
  • قضايا وحوارات
    • قضايا وأحداث
    • حوارات
    • شهادات

logo

  • الرئيسة
    • ومضات
    • وسائط
    • ملفات
  • عين على الآخرة
    • محبته صلى الله عليه وسلم

      27 مايو، 2022
      0
    • قرآنا عجبا | 18 | "عبس وتولى"

      25 مايو، 2022
      0
    • الزهد في الدنيا

      20 مايو، 2022
      0
    • وصايا الصالحين (5) | خطبة لعمر الفاروق رضي الله عنه

      19 مايو، 2022
      0
    • قرآنا عجبا | 17 | بحر ومداد

      17 مايو، 2022
      0
    • تحكيم كتاب الله في الحياة

      16 مايو، 2022
      0
    • تلطف وعتاب

      13 مايو، 2022
      0
    • من مواعظ ابن الجوزي رحمه الله | عليك بالخوف من الله

      13 مايو، 2022
      0
    • وصايا الصالحين (4) | أول خطبة لعمر الفاروق رضي الله عنه

      10 مايو، 2022
      0
    • مع كتاب الله
    • أساسيات في العبادة
    • روح العبادة
  • منطلقات
    • المرأة وبناء الذات

      26 مايو، 2022
      0
    • المؤمنات ومجتمع الاستهلاك

      11 مايو، 2022
      0
    • خطوة نحو الكمال (3) | أنواع الكمال – 2 –

      21 مارس، 2022
      0
    • يوم الطالبة وليلتها

      17 مارس، 2022
      0
    • فاعلية المرأة والتغييران الذاتي والمجتمعي في مشروع الإمام عبد السلام ياسين

      16 مارس، 2022
      0
    • بيعة النساء عهد ووفاء

      11 مارس، 2022
      0
    • خطوة نحو الكمال (2) | أنواع الكمال - 1 -

      22 فبراير، 2022
      0
    • الخصال العشر (5): العلم

      21 فبراير، 2022
      0
    • جنة الدنيا

      19 فبراير، 2022
      0
  • نساء صدقن
    • نساء فلسطين.. دروس في الصمود

      26 مايو، 2022
      0
    • خطوة نحو الكمال (7) | نساء كاملات -4-

      24 مايو، 2022
      0
    • خطوة نحو الكمال (6) | نساء كاملات -3-

      18 مايو، 2022
      0
    • قبسات من تاريخ المرأة المغربية المجاهدة

      14 مايو، 2022
      0
    • خطوة نحو الكمال (5) | نساء كاملات -2-

      9 مايو، 2022
      0
    • خطوة نحو الكمال (4) | نساء كاملات -1-

      5 مايو، 2022
      0
    • رؤيا عاتكة في بدر.. خبر الغيب وحنكة المخبر

      18 أبريل، 2022
      0
    • تتعب لتسعد الإنسانية

      16 مارس، 2022
      0
    • رائدة التمريض: رُفَيْدَة الأسلمية

      15 مارس، 2022
      0
  • مع الأسرة
    • العالم الافتراضي وضريبة الوقت

      25 مايو، 2022
      0
    • أدب الزيارة

      23 مايو، 2022
      0
    • رهانات النجاح الأسري

      21 مايو، 2022
      0
    • حق لهم أن يتفانوا في محبته

      20 مايو، 2022
      0
    • حديث غرفة النوم

      18 مايو، 2022
      0
    • حكايات أبوية: الحبة سنبل (قصة قصيرة)

      14 مايو، 2022
      0
    • ما شأنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟!

      12 مايو، 2022
      0
    • إليك أمي...

      12 مايو، 2022
      0
    • ضوابط عامة في تربية الأبناء

      11 مايو، 2022
      0
    • أبناؤنا
    • الزواج
    • خلق وذوق
    • صحتك
  • قضايا وحوارات
    • قضية الشهيد كمال عماري حية لن تموت

      27 مايو، 2022
      0
    • العالم الافتراضي وضريبة الوقت

      25 مايو، 2022
      0
    • الحفاظ على البيئة من شيمنا

      24 مايو، 2022
      0
    • التشميع لا يحجب المبادئ أن تزهر

      19 مايو، 2022
      0
    • في الذكرى 74 للنكبة.. فلسطين جرح الأمة النازف

      17 مايو، 2022
      0
    • حقوقيات من أمام البيتين المشمعين: كفى من الممارسات السلطوية فهي لا تجدي

      16 مايو، 2022
      0
    • نص كلمة ذة. لطيفة عدار التي ألقتها أمام بيتها المشمع بوجدة

      15 مايو، 2022
      0
    • إمعانا في استهدافها للصحفيين.. قوات الاحتلال الصهيوني تقتل الصحفية القديرة "شيرين أبو ...

      11 مايو، 2022
      0
    • فلسطين.. حقنا العائد يقينا

      7 مايو، 2022
      0
    • قضايا وأحداث
    • حوارات
    • شهادات
أبناؤنا
Home›مع الأسرة›أبناؤنا›فصل ووصل (قصة قصيرة)

فصل ووصل (قصة قصيرة)

بقلم نادية بلغازي
16 نوفمبر، 2021
388
0

تتوالى الأيام في دورة رتيبة يزيّنها القرب والوصال، وصفاء السرائر وصدق الطلب، ويسيء فيها من يسيء ويحسن من يحسن. تتوالى أحيانا الأكدار والأقدار حينما يغيب ميزان القيم أو يكاد، تستسيغها بصبر من يعلم أن الحياة معْبرٌ وأن ما عند الله خير وأبقى. تتجمل بالصبر وتعفو وتصفح، وبداخلك بركان يتأجج. كبيرة هي ضريبة الصبر، لذيذة ثمارها لمن به تجمل، ألم يقولوا: “من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة”؟ يحسب الناس، وهم أحيانا مخطئون، أنّ الابتسامة دليل ارتياح دائم، ولا يدرون أنها أحيانا حجاب يخفي الكثير من الآلام، ومن المرارة ما لا يكاد يستساغ.

تواردت الأفكار على عفيفة وهي تقلّب صفحات ذكريات مريرة بمرارة أخلاق من كانوا سببا وراء حفرها العميق في صدور من أحبتهم. أطلقت العنان للأفكار لتستعيد من داخلها أحداثا توالت عليها حينا وعلى من يحيطون بها أحيانا دون أن يسطرها أحد بمحض إرادته، دون أن يسعى إليها، دون أن يرغب فيها، دون أن يعلمها أحيانا كثيرة. قد يجد المرء نفسه يحاسب بجريرة أفعال لم يكن له فيها يد، لا علم له بها أصلا ولا فرعا، أو نتيجة سوء تقديره وتدبيره، والثانية أظهر في قصة وئام.

وحتى تتجلى في ذهنها الصورة أكثر، أجهدت ذاكرتها لتعود بها إلى الوراء قليلا، قبل أن تغوص فيما يخبئه العقل الباطن من أفراح وأتراح كانت لها بداية كما لكل شيء بداية.

عادت يوما من سفر ليس بالقريب ولا بالبعيد، لتجد في بيت العائلة ضيفة. أحسنت الاستقبال ورحبت ولم تأل جهدا قي التقريب والتسديد. ضيفة جريحة، كانت عفيفة تقدر عمق جراحاتها بعد أن خرجت من زيجة فاشلة لم تدم طويلا بطفلة عديدةٌ أعطابها، وبجراحات نفسية لا تلتئم. رأت عفيفة أنّ من واجبها النّضال من أجل امرأة منكسرة اعتادت أن تحمل همّ مثيلاتها في الحياة. نساء أشلاء يلفظهن المجتمع بلا رحمة، أو يكن ضحايا إرهاب وتعنيف، أو تربية مجتمعية ترى العيب دائما في المرأة. تعاطفت عفيفة مع وضعية وئام التي علمتها درسا لن تنسيها فيه الأيام.

أنصتت إليها عفيفة بآذان صاغية وشغاف قلبها تضيق لهول البؤس الذي سمعته؛ فتاة شابة كانت تفيض بالحيوية والنشاط تحولت إلى حطام، كانت لا تعرف من هموم الكادحات من النساء إلا صورا ملتقطة عبر المجلات التي اعتادت شراءها لتملأ بمحتواها الفج فراغ لحظات ما قبل نومها على فراشها الوثير، كانت تعيش مثل طائفة كبيرة من الطبقة المترفة التي لا تسمع عن أنين المستضعفين، ولا تعرف عن أحوالهم الكثير. تمارس الرياضة لتحافظ على سلامة جسمها النحيف، وتدرس بجامعة راقية تؤدي أسرتها فاتورتها الثقيلة كل عام.

تعرفت إلى شاب في دروب الغفلة الكالحة، وتوطدت العلاقة بينهما عبر لقاءاتهما في مقاهي المدينة وعبر الشبكة العنكبوتية التي حلت محل التواصل المباشر، واستغنى الكثيرون بها عن صلة الأرحام وعلاقات الجوار ومجالس التلاقي البانية.

قررت الزواج منه دون اعتبار باءة ولا كفاءة، ولا موافقة أهل لمسوا خشونة طبعه ورقة دينه وسوء أخلاقه. مرت الأيام الأولى سريعة، تأججت فيها بينهما مشاعر عشق جف نبعه بتوالي الأيام، فتحولت حياتها بعدُ إلى دورة كئيبة طابعها الإهمال. انكسر جموح امرأة كانت تتربع بعنفوان على عرش قلب أسرة كانت تحبها بلا حدود؛ للأسف تنكرت لها من أجل حب كشفت الأيام زيفَه، فأضحت كل يوم تتلقى ضريبة المطالبة بالحقوق لكما وركلا ولطما. أي جحيم يمكن أن تتحمله امرأة من هذا الطراز؟ وأي تحوّل متدحرج من أعلى سلم الطبقة المخملية إلى حضيض البؤس والشقاء.

 لم تكن نداءات وقف التعنيف عن النساء التي كان يبلغها بعض صداها إلا سمفونية مخدوشة لم تُلق لها من قبل بالا، لم تكن تتصور في ظل حياتها الرغدة السابقة أن واقعا مثل هذا كائن أو يمكن أن يكون، لم تكن تتصور أن بعض الطباع صفتها اللؤم والخسة، لم تكن تتصور أن ما كانت تجني من راتب يمكن أن يسلب منها لتجد نفسها بلا معيل، ولمولودتها ذات الأعوام الثلاثة بلا غذاء متكامل، بلا صدر أبوي دافئ، بلا عناية ولا اهتمام. كم كانت تشفق على ابنتها المسكينة التي لو نطقت لشهدت بشدة أب لا مشاعر له، بل والد لا صلة تربطه بالأبوة الحانية التي تعجز كلمات العالم عن وصف قوتها الرقيقة، وجمالها الكامل، وسندها الذي يحملك ويحمل عنك، ويُشعرك بلذة الاكتفاء، لأنك لوهلة تحسب أنك تحمل في صدرك عطف الكون الذي يعوّضك عن كل عطف، وتستند إلى ركن دائم يقويك فلا تستشعر النقص ولا خوف الغدر والإخلال. كان زوجا خشنا كما كان والدا جامدا لا يقوى على البوح بأحاسيس رقيقة كم كانت حاجتهما معا إليها. وإذا ما جرت ابنته يوما بخطواتها المتعثرة لتستقبله بعد عودته إلى البيت لعلها تحظى منه بقبلة أو عناق، لا تلقى منه إلا الصد والجفاء.  

تذكرت أباها الذي ما نسيته أبدا في ظل تقلبات حياتها الجديدة الخلِقة الشوهاء، تذكرت شخصيته المميزة، وثقافته العالية، وصدره الرحب الذي اعتقدت خطأ أن مثله سيكون عند فارسها العاثر. كان أبوها سندَها عند اشتداد الخطوب، وعيدَها الدائم، وفرحها المتجدد الذي افتقدته بسوء الاختيار. ألا يكون هذا الابتلاء جزاء معجلا؟

تلقفت دروب الحياة المظلمة وئاما، فلم تجد لنفسها من منقذ. هل تعود إلى الأهل بعد أن طعنتهم بخنجر النكران وفضلت عليهم الرجل الغريب؟ أيقبلون بها بعد كل هذا السوء؟ وهذه المرة بنتاج حب بائس تحملها بين ذراعيها؟ لا ذنب لفلذة كبدها إلا أنها نتيجة سوء الاختيار، والعجلة في اتخاذ أجلّ قرار. كيف تواجههم وما تراها ستقول؟ هل يمكن لقلوبهم المكسرة مثل قارب مهشم على ضفاف مرفأ قديم أن تلين؟

اكفهرت الدنيا في عينيها الذابلتين من شدة الحزن. وهي على سريرها البارد، دأبت أن تعيد التفكير مليا في سيرورة عمر مضى بعضه بلا اعتبار، استشعرت دائما مرارة التجربة التي حوت في طياتها دروسا لامرأة عاشت لزمن في برجها العاجي، تنظر من فتحاته الشاهقة إلى عالم لم تكن تعرفه جيدا. لا خبر لها عن بؤس البائسات ولا كدح الكادحات في المعامل الإسمنتية الباردة ولا حقول الفراولة البعيدة… لا علم لها بمآسي المقهورين ولا ظلم الطغاة المستبدين. عاشت الترف بكل المقاييس، والسعادة بكل ما تحمله من أحاسيس، أو لربما هكذا كانت تتوهم..؛ أنانيةً كانت، لا تفكر إلا في نفسها المتعالية، وأهوائها المتبعة، وإعجابها برأيها، وتلذذها بمتاع الدنيا الزائل. تفتقت عيناها منذ البداية وملعقة الذهب على ثغرها الباسم. والحق أن والديها لم يفرطا في تربيتها قط، ولكن عنادها الزائد، واستبدادها بالرأي منعاها الاستفادة من مخزون توجيهاتهما الهادفة، كما منعتها غفلتها الطاغية عن شكر المنعم على نعمه، والخشية كل الخشية من نهاية مفجعة لقصة موجعة.

الآن وقد فهمت الدرس جيدا وبلغ السيل الزبى… أين المفر؟ هل إلى مرد من سبيل؟ شبيه الزوج ولا زوج بجبروته أمامها، والفراغ القاتل وراءها، ودعم الأهل الذي يُدّخر لساعة العسرة ضيّعته هي فانقطع حبل الوصال لسنين عجاف.

بعيدةً كانت عن واقع البؤس والفاقة والحاجة المذلة التي عاينتها بعد أن أغرتها المشاعر الكاذبة لتستقر في بيت زوج ما هو بزوج، ثم وهي تتسلل خفية عن أنظار ذات البعل الخشن إلى مركز الاستماع بجمعية للنساء المعنفات، عساها تخفف من لأواء جحيمها المستعر، وكدماتها المتجددة، وآلام التعنيف الذي ما عادت تقوى على تحمله.

مهما كثرت خطوب الحياة واسودت دروبها فإن بريق الأمل لا يغيب أبدا، ومنه “مي رحمة” جارتها التي كانت لها ملجأ عند اشتداد المدلهمات، اعتادت أن تنصحها وتوجهها وتكرمها، كما اعتادت أن تأوي ابنتها كلما أحوجتها الظروف إلى الخروج للعمل أو قضاء بعض مصالحها. كانت رفيقة لطيفة، تذكرها بجدتها الحنون التي لطالما جمعت الأحفاد لتقص عليهم القصص المعبرة في ليالي الصيف المقمرة على شرفات بيتها الكبير، كما يذكرها حنوها بأمها التي افتقدتها بقوة. أمها رمز العطاء والنقاء التي كانت شمعة تضيء لها دروب السعادة، وتضحي بكل جليل من أجل أن ترى ابتسامة ابنتها تنير وجهها الجميل. سبحان الله في علاه يخرج الحي من الميت كما يخرج الميت من الحي.

ساقت لها الأقدار مي رحمة كما ساقت لها ثلة من الصالحات، تعرفت إليهن في الجمعية؛ نساء فضليات يخدمن النساء بحدب وحب، آمنّ بقضيتها فكنّ لها نعم المعين في مواجهة قفر الليالي وشحّ الزوج وعنفه الذي يزداد يوما بعد يوم. وبعد أن أصبحت فريسة اختلال نفسي كبير وآفات مرضية معيقة أخذت تتماثل للشفاء، لكن الجرح العميق لا زال ينهشها صباح مساء… كيف تتخلص من سجن ذلك “الزوج” وتتحرر من أسره؟ متى تعانق حضنا آمنا اشتاقت إلى دفئه؟

بعد مشاورات ومباحثات استقر الرأي أن تكون “مي رحمة” همزة الوصل وجسر التواصل وأداة اللقاء بين وئام وأهلها، لِما أوتيت من حكمة راكمتها مع توالي السنين، ولما عرفت به من تؤدة أرستها فيها تربيتها الإيمانية ولهجها الدائم بذكر الحي القيوم. كأنها كانت أما لتلكن الصوالح العفائف من النساء الطيبات.

طرقت مي رحمة الباب بيدها الضخمة التي أخذت منها سنوات العمر، وليتها لم تفعل، ولِم لا فمواجهة الصعاب خير من تركها عالقة على مشجب الأيام البطيئة. كان الخطب صدقا أشد من أن يُحتمل، رحل الوالد الحبيب والأخ الصغير إلى حيث لا رجعة بعد حادثة سير مدوية قرب البلدة المجاورة، ولم يبق من الأسرة إلا أما كليمة أنهكتها غصة الفقد، وأختي وئام اللتين تصغرانها ببضع سنين وقد رحلتا إلى الضفة الأخرى لإتمام الدراسة.

عادت مي رحمة إلى وئام بعد أن استقت الخبر اليقين، تجرّ خطى الخيبة وتفكر في هول الصدمة ومدى تأثيرها على فتاة سدت أبواب الأمل في عينيها، ولم يعد أمامها بعد إنهاء مسطرة الشقاق التي أعانتها عليها صويحباتها الصالحات، إلا أن تعود متذللة راغبة لعلها تحظى بعفو ممن أحبتهم لكنها لم تحسن البوح فخذلتهم، قدّرتهم لكنها أساءت إليهم بسوء الفعال حينما هجرتهم.

“فررت إليك ربي لترضى، فاربط على قلبي وتجاوز عن خطيئتي، دبر لي ربي فإني لا أحسن التدبير” أخذت تكرر.

سعت بين الأزقة والدروب مسرعة ولسانها يلهج ذكرا ودعاء، تجري وابنتها بين ذراعيها وكأنها على موعد ملح مع من قضيا، ودموعها تنزل كالسيل من مقلتين اهترأتا من فرط السهر والحزن والبكاء، وفي سويدائها نداء استغاثة إلى غفار الذنوب ستار العيوب يقول:

عبدٌ أنا والحزن يعصرُ خافقي ** ضمّد جراحي ربي إنني لك أهربُ

دفعت بابا خشيت لسنوات المرور من محاداتها، ودلفت إلى فناء البيت الفخم الذي فقد الكثير من بهجته، وضاعت رائحته برحيل صاحبه وفقدِه لقهقهات صغيره، ولغياب اجتماع الأحباب فيه.

هالها وجود أمها في ركن من البيت قصي وقد دارت بها عجلة العمر باستعجال، فحفرت في وجهها الأخاديد الغائرة، وكأن الابتلاءات المتكررة أضنتها وصنعت فيها الأفاعيل، فارتدت بسرعة من زهرة مفتحة إلى نبتة ذابلة، لولا أن تسعف بجرعات ماء زلال.

ارتمت في حضنها الشائق الرائق للحظات تمنت هيام ألا تنقطع، وتعجبت ألا صراخ ولا عويل ولا تثريب ولا عتاب. كأن الأيام قد أعيت لسانها فلاذ بالصمت لمّا لم ينفع الكلام لردّ الأحبة والذود عنهم وحمايتهم من أنياب المنايا وتسلط الغريب. وقفت الكلمات مشدوهة لا تقوى على تعدي شفاه ارتعدت من هول الصدمات وتكرر ضربات القدر الموجعة، والحمد لله على كل حال.

تحسّسّت رأس حفيدتها وقالت: “أذكر أم أنثى؟”.

تأكدت هيام أن الزمان أفقدها بعضا من نور البصر، فلم تقو على التمييز، وقالت: “هي بارّة يا أماه، توسمتُ برّها بهذا الإسم خوفا من أن بها أدان، لما تابعت عنادي ففقدت من أحبهم حقا، فهل إلى استعادة رضاك من سبيل؟ فإني عدت إليك، تائبة إلى الله من ذنبي، خائفة من ثقل وزري، فاعفي يا أمي واصفحي، ووامصيبتاه إلم تفعلي”. “ومتى سخطت حتى أرضى؟ افتقدناك بحرقة وإليك اشتاقت أفئدتنا المكلومة من طول الغياب، لكن هيهات هيهات يعود كل ما فقدناه في دروب الحياة”. تمتمت الأم بصوت خفيض. قبلت وئام اليدين والرجلين ثم استطردت:

“وأبي ماذا عن أبي؟ أغَفر طيشي وسوء فعلي؟”

“لطالما ذكرك واشتاق إليك ومنعته عزة نفسه أن يبحث عنك محترما اختيارا ليته كان صائبا” ردت الأم بأسى ظاهر.

زارت قبر أبيها وتمرّغت في تربته الندية وكأنها تعانق من خلاله عميق الشوق ورجاء العفو. بكت وتنحّبت ودعت ولسانها يقول: “هل إلى مرد من سبيل؟  هل على صفحك من دليل؟”.

هل إلى مرد من سبيل؟ هل على صفحك من دليل؟ كلمات رددتها عفيفة وهي تكفكف دموعا انهمرت من وجنتيها كالسيل، تأثرت بحكاية امرأة لا زالت تعاني من تبعات اختيار أفقدها الكثير، وليت الزمن يعود لتعالج كل ندوبه ولتداوي جراحاته الدامية، ويبقى الأمل في الله كبير.

Tagsصلة الرحمقصة
السابق

صل الأرحام قبل فوات الأوان

التالي

ذة. حبيبة الحمداوي في كلمة ختامية لحملة ...

مواد ذات صلة لنفس الكاتب

  • أساسيات في العبادة

    صلة الرحم.. الوسائل والمقاصد

    10 نوفمبر، 2021
    بقلم خديجة مسامح
  • روح العبادة

    “كلا والله لا يخزيك الله أبدا: إنك لتصل الرحم”

    12 نوفمبر، 2021
    بقلم لطيفة عدار
  • روح العبادة

    الصلاة بداية التغيير (قصة قصيرة)

    27 مارس، 2022
    بقلم سمية أقديمن
  • روح العبادة

    ذة. حبيبة الحمداوي في كلمة ختامية لحملة “صل رحمك”

    16 نوفمبر، 2021
    بقلم حبيبة حمداوي
  • أبناؤناأساسيات في العبادة

    علموا الشباب صلة الرحم

    15 نوفمبر، 2021
    بقلم مراد شيبوب
  • أساسيات في العبادة

    صلة الرحم والأسباب المعينة عليها

    18 نوفمبر، 2021
    بقلم صفاء طريبق

مواضيع قد تهمك

  • منطلقات

    حتمية سقوط أنظمة الاستبداد العربي

  • منطلقات

    أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض

  • نساء صدقن

    صاحبة “القيثارة”

  • الجديد

  • الأكثر مشاهدة

  • محبته صلى الله عليه وسلم

    بقلم أمينة الجابري
    27 مايو، 2022
  • قضية الشهيد كمال عماري حية لن تموت

    بقلم حفيظة فرشاشي
    27 مايو، 2022
  • المرأة وبناء الذات

    بقلم جهاد الصاخي
    26 مايو، 2022
  • نساء فلسطين.. دروس في الصمود

    بقلم نزهة الفيلالي
    26 مايو، 2022
  • إضاءات في تربية الأبناء

    بقلم ثورية البوكيلي
    8 يونيو، 2020
  • في وداع شهر رمضان (12)

    بقلم هيئة التحرير
    6 أكتوبر، 2008
  • في وداع شهر رمضان (22)

    بقلم هيئة التحرير
    11 أكتوبر، 2008
  • مفاهيم ومقاربات حول النساء والتنمية 1

    بقلم بشرى العماري
    5 فبراير، 2010

RSS الجماعة.نت

  • الطالب المختطف بالناظور يروي قصة تعذيبه من قبل عصابات القاعديين الكراس (+فيديو)
  • تواضُعُه صلى الله عليه وسلم
  • جمعية عائلة وأصدقاء الشهيد كمال عماري تعلن برنامج إحياء الذكرى 11 لاغتياله
  • جمعية عائلة وأصدقاء الشهيد عماري كمال تحيي الذكرى الحادية عشرة لقتله من قبل قوات الأمن (بلاغ)
  • طلبة العدل والإحسان: “عصابة اليسار القاعدي الكراس” يختطفون طالبا من ساحة الجامعة ويعذبونه (بيان)
  • المشروع التربوي عند الإمام عبد السلام ياسين وسؤال الوسائل
  • كيف نحيا بالقرآن؟
  • موقع جماعة العدل والاحسان
  • موقع الإمام المجدد عبد السلام ياسين
© جميع الحقوق محفوظة لموقع مومنات نت 2020