الجوع شديد يا أمي ولكن مرارة الظلم أشد..

من مقاعدنا الدراسية طردونا يا أمي، وكما تقتلع النبتة من الأرض فصلنا من مدرجاتنا بالكلية. لم نكن يوما سوى طلبة مجدين مجتهدين في خدمة الطلبة والطالبات. يعرفنا الطالب والأستاذ بأخلاقنا الحميدة ومواقنا النضالية وتفانينا المستمر في الأنشطة العلمية والثقافية والنقابية. كنا دائما من السباقين إلى التحري عن هموم الطلبة والسعي نحو تحقيق مطالبهم المشروعة. فلماذا إذا يسلبوننا حقنا في التعليم؟! حق يضمنه لنا الدستور المغربي قبل المواثيق الدولية. أي جرم هذا اقترفناه لندفع الثمن غاليا هكذا؟!
كان بوسعنا أن نلزم الصمت، ونرضى بأمر الواقع، ونبحث بعدها عن عمل نجني منه دريهمات نسد بها جوعنا. ولكن من أجل وطن نحبه، لم نرتضه حالا لأنفسنا ولا لأبناء الجامعة المغربية. ما حدث اليوم معنا في أكادير، قد يتكرر غدا في وجدة أو مراكش أو غيرهما.
لذلك عزمت وصاحبي أن نعتصم أمام أسوار الجامعة. أعلم يا أمي أنه لن يحلو لك دفء البيت وأهله وابنك مشرد في العراء، مكور على نفسه ملتحف بغطاء بسيط يدفع عنه بعضا من قساوة البرد القارس. وفي إحدى الليالي الباردة الموحشة، رأيت الحزن ممزوجا بالخوف من المصير المجهول باد على وجهي أخوي، فقلت لا تحزنا يا صاحبي إن الله معنا.
يمضي يوم بعد يوم، وفضلاء الوطن يتضامنون معنا من هيئاتهم ونقاباتهم، ومنهم من زارنا في معتصمنا، ولا أحد يحرك ساكنا من الرئاسة. إلى أن بلغنا اليوم 202 لنقرر التصعيد في نضالنا يإضرابنا عن الطعام. ليلتها باغتتنا خفافيش الظلام دون سابق إنذار ليصادروا كل ما نملك. أعصابة كانت أم قوات الأمن في لباسهم المدني؟ لا نعلم. جاؤوا والشر يتطاير من أعينهم، ووسط سبهم وشتمهم وتعنيفهم لنا لم نستطع غير أن نقول (حسبنا الله ونعم الوكيل، ونفوض أمورنا إلى الله). يظنون تهديداتهم سترهبنا وتجعلنا نتراجع ونتخلى. لا والله لن نتخلى وبإذن الله وقدرته وعنايته سنظل صامدين.
أخبروا أمي أنني بخير رغم المصل المحقون في يدي، أخبروها أنني لن أتراجع إلى أن أنتزع حقي المسلوب بكل ما أتيح لي من وسيلة سلمية. أخبروا أمي أن الجوع شديد ولكن مرارة الظلم أشد. أخبروا أمي أنني أحبها وأحب وطني.