“ادعوني أستجب لكم”

كم رفعنا أحلامنا في أكفنا ووشحناها باليقين ثم جعلناها تسافر عبر الدعاء لتحط الرحال بين أيدينا من جديد.
ادعوني أستجب لكم… من منا لم يخبر كرم الله وهو يفاجأ بدعوة من دعواته المستحيلات قد حلت ضيفة على قلبه.
“الدعاء مخ العبادة”… الدعاء مفتاح من مفاتيح الحب التي يحب الله سماعها منك، تتأجل دعوة رجوتها منه بإلحاح، لكنك لا تدري حكمة التأخير. تناجيه في محراب الليل الساكن، لا يسمع فيه إلا همسك وحنينك، ودموعك الحرى تنسكب فياضة على خديك. آه لقلب متقلب بين نيران الهوى تلهبه التواءاته، أين المفر من هروبك وإلى أين؟
دعك من تلك النوازع التي تشبك بنياط قلبك لترديه قتيل نفس أنهكت قواه.. أفمن اتخذ إلهه هواه… دعك منك وأقبل على مولاك… ارفع وتيرة النبض، فمع كل خفقة يعلنها قلبك رحلة من الشوق وقرة عين لروحك المكسوة بنور التجلي.
تحب الله؟ تخلص منك… وادخل في حمى خالقك، يسلمك منك إليه…
يا الله… قلها بعمق… تنفسها في دعائك…
يا الله…. ها هي ذي أعماقك تغتسل من ظلمة اللهث…
يا الله…. نقطة بداخلك تتوهج فجأة… لتنمو وتربو، وتصبح نافذة من نور يطل منها عبير البوح….
يا الله… صمت في حضرة ذي الجلال وأنت تبسط بين يديه ما الله مطلع عليه.. أجل.. إنه هو السميع العليم…
لم يعد نافعا حبس تلك الدموع.. دعها فإنها مأمورة… دعها تخط رسالة الحب والشوق… دعها ترسم طريق العودة… دعها تذرف لتحط في أيدي الرحمان… انتظر منه الجبر…. فليس بعد ذل الانكسار بين يديه إلا العز… وليس بعد الافتقار إليه إلا الغنى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.