دة. سلمى اجغالف: عروض المؤتمر أيقظت معاني الفطرة الإنسانية والرحمة العالمية

أجرى موقع mouminate.net حوارا مع الدكتورة سلمى اجغالف، الأستاذة بجامعة بنسلفنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية مشاركتها في المؤتمر الدولي الثالث الذي نظمته مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات، بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الإمام رحمه الله، يومي السبت والأحد 4 – 5 جمادى الأولى 1442هـ/ 19 – 20 دجنبر 2020م، في موضوع “البعد الإنساني في الفكر الإسلامي المعاصر: الإمام عبد السلام ياسين نموذجا”، وقد حملت مداخلتها عنوان: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
في الحوار الذي بين أيدينا تطلعنا اجغالف على ارتساماتها حول المؤتمر، وتبسط بين أيدي قرائنا الكرام عصارة ما جاء في مداخلتها في المؤتمر، كما تقدم رأيها حول فكر الإمام ومميزاته بعد احتكاكها به عن قرب. فإليكم نص الحوار:
1- دكتورة سلمى مرحبا بك، وشكرا جزيلا على قبولك دعوتنا. بداية؛ ما هي ارتساماتك حول المؤتمر؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين.
لا يفوتني بداية أن أتقدم بجزيل الشكر لكل من ساهم، من قريب أو بعيد، في نجاح هذا المؤتمر، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية، حفظنا الله تعالى وإياكم من هذا الوباء ومن كل بلاء. وأخص بالشكر اللجنة العلمية والطاقم التقني اللذان أبدعا وتألقا في عرض وتسهيل بث مواد هذا المؤتمر. ولا أنسى شكر كل الأساتذة المشاركين على عروضهم المتميزة؛ التي أيقظت معاني الفطرة الإنسانية والرحمة العالمية من خلال بحوثهم التي ركزت على مرجعية كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتي اتخذت من كتابات وفكر الإمام عبد السلام ياسين نموذجا معاصرا، متح من المرجعيتين وقدم النموذج الأصيل بنظر تجديدي، أحيى سنة نبينا الكريم؛ المثال الإنساني للشرع الرباني، بروح تتماشى مع أحوال العصر، دون أن يغفل الاطلاع على تجارب المجتهدين عبر العصور والأمصار، فجاءت تجربته أصيلة وشاملة وفريدة.
لقد كان هذا المؤتمر، بحق، محفلا بهيجا، أثلج الصدور وأحيى معاني ربانية متعددة.
2- ما هي أهم الأفكار التي خرجت بها في بحثك الذي شاركت به في المؤتمر؟
كان البحث الذي شاركت به تحت عنوان قول الله عز وجل: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين؛ حاولت استنادا على أنوار قوله سبحانه وتعالى بسط معاني الرحمة، وتسليط الضوء على ضرورة التأسي بالرحمة النبوية المنهاجية التي تحلى بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وأعدائه، خاصة بالنظر إلى واقعنا الحالي الذي يسود فيه الظلم والكراهية والدونية والإقصاء. فالعالم يحتاج إلى مرجع رباني يوحد – من خلاله – مفهوم الرحمة ومفهوم العدل الضروريين لإقامة مجتمع متآلف ومتحاب ومتماسك، يُحترم فيه الإنسان كيفما كان جنسه أو عِرقه أو دينه.
والأستاذ عبد السلام ياسين جدد من خلال كتاباته هذه المفاهيم الضرورية لتعيش الإنسانية بسلام ورحمة، فجدد معاني الإسلام من خلال المنهاج النبوي؛ الذي ركز من خلاله على أهمية التربية الإحسانية في حياة المسلم لكي يسلك إلى الله تعالى ويفوز برضاه يوم يلقاه.
وختمتُ الورقة ببسط توصيات من شأنها أن تدفعنا للتحلي بصفة الرحمة، شملت: أولا- معرفة الله وذكره كثيرا، وثانيا- استحضار روحانية النبي صلى الله عليه وسلم واتباع دقائق سنته في حياتنا اليومية، وثالثا- التزام صحبة المحسنين، فهي السبيل ليتحلى الإنسان بالرحمة الحكيمة العادلة، مصداقا لقوله عز وجل: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (الأعراف، الآية 56).
3- كيف وجدت فكر الأستاذ عبد السلام ياسين بعد تعاملك القريب مع كتاباته اطلاعا وبحثا؟ ما الذي يتميز به في رأيك؟
إن فكر الأستاذ عبد السلام ياسين فكر منفتح معتدل، ينبني على مركزية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ولقد تميزت كتاباته رحمه الله بإسماع فطرة الإنسان ونبذ كل أنواع العنف والتحلي بالرفق والحلم ورحمة الخلق. ومما تميزت به كتاباته أيضا إعطاء عناية خاصة لقضية المرأة المسلمة، وإحياء معاني أهمية علاقتها بربها، حتى أنه ألف كتابا من مجلدين سماه: “تنوير المؤمنات”، أبرز من خلاله أن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل، بل إنه جوهري باستحضار دورها في صناعة الرجال، وهما – الرجل والمرأة – يكملان بعضهما البعض في بناء مجتمع صالح، مجتمع العمران الأخوي.
وإن أهم ما يميز فكر الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، في نظري، هو الجمع بين المطلبين العدلي والإحساني، فكلاهما ضروري، وهما متلازمان لا يفترقان. فواجبنا فرادى وجماعة السعي إلى نشدان العدل والتطلع إلى ذرى الإحسان لاستشراف غد مشرق تعيش فيها الإنسانية جمعاء في رحمة وسلام، وتكون حياة المسلم فيها سلما للارتقاء في الآخرة.
جعلنا الله وإياكم من المحسنين، ورحم الله الأستاذ عبد السلام ياسين، وكل من حمل الخير لهذه الأمة وللإنسانية جمعاء، وجزاهم عنا خير الجزاء. وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.