وصية من ذهب

أم ليست كباقي الأمهات؛ اقتحم فيروس كورونا جسمها وتطفل على خلاياه.
شعرت الأم بهذا التطفل، واعتبرته بكل يقين قدرا من أقدار الله، لينطلق لسانها بقول بليغ وحكم بالغة، ونصح رشيد لأبنائها البررة:
– تهدي أبناءها أفضل إرث يمكن أن يأخذه الولد من الوالد: الرضا. تصريح الوالدين بالرضا نتيجة بر وإحسان الولد بهما. رضا الوالد علامة حب الله للولد.
قال الله عز وجل: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً النساء/ 36.
وقال الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً الأنعام/ 151.
وقال تبارك وتعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً الإسراء 23، 24.
وقال عز وجل: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ لقمان/ 14.
والأحاديث في هذا كثيرة جداً، منها ما رواه البخاري (527) ومسلم (85) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا. قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وجاء أيضا عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد) رواه الترمذي (1821).
ومما أوصاني به والدي رحمه الله، عند تعزية ولد فقد والده؛ بالدعاء له: (اللهم ارزق فلانا رضا والده دنيا وآخرة).
طوبى لمن نال رضا والديه في الدنيا، سوف يكون له شفيعا في الآخرة.
– تنصح بالاعتناء بسلامة الجسم، فصحة الأديان من صحة الأبدان. كم سقيما يرغب في العبادة، لكن جسمه المريض لا يستطيع الحركة.
– تنصح بسلامة القلب، وترويض اللسان بالذكر والصلاة على رسول الله صَلى الله عليه وسلم.
نصائح نفيسة ودرر من بيت النبوة، من أم ينبض قلبها حبا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وربت أبناءها على حب الله ورسوله والمومنين.
هنيئا لهذه المرأة الصالحة بالشهادة، وجعل الله كلمها في ميزان حسناتها، ونفع الله به كل من يَسمعه ويُسمعه لكل والد وولد.