ذكرى مولد خير البرية تحيي فينا حبه

أقبل شهر الربيع النبوي الذي أهلت فيه أنوار مولد خير البشرية وخاتم النبيئين والمرسلين الذي بعثه الله رحمة للعالمين، فجاء بالنور بعد أن عم الظلام، وبالعدل في أمة ساد فيها الظلم بأبشع تجلياته، وبالهداية في زمن غرقت البشرية جمعاء في أنواع الضلال المادي والمعنوي.
وبفضل من الله ونعمة دلّ عليه الصلاة والسلام الناس على طريق السعادة والفلاح في الحياة الدنيا، وبشرها بالرضا والرضوان في الآخرة لمن استجاب لنداء الحق ولم يعاند ويكابر.
وبهذا حُق لنا أن نحتفل بمولده الشريف وذكراه العطرة، لعل ذلك يُذكي فينا ما خبا مِن حبه، الحب الصادق المفضي إلى العمل على إحياء سنته في حياتنا بالحال والمقال، حتى نساهم في إعادة المجد لهذا الدين الحنيف الذي جعله الله خاتم الرسالات، وأمة الإسلام خير الأمم إن هي التزمت بشروط هذه الخيرية، قال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ (آل عمران، 110).
وإحياء هذه الذكرى قمين بأن يبعث في الأمة الإسلامية الأمل في عودة العزة بعد الذل والنصر بعد الهزيمة، وإنقاذ البشرية عامة والمسلمين خاصة من وهدة الأحوال المزرية، كونهم صاروا (أغلبهم) لا هم لهم إلا إرضاء نزواتهم الجسدية في غفلة عن الهدف الحقيقي من الوجود؛ ألا وهو إعمار الأرض بالخير وتحقيق العبودية الشاملة لله رب العالمين استعدادا للقائه في دار كرامته المعدّة للمتقين، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشَر، وأغلى من ذلك النظر إلى وجهه الكريم لا حرمنا الله من ذلك.
فلا يلومنّنا من لا همّ له إلا التبديع في كل شاردة وواردة، فكل يعمل على شاكلته، وليس هنا مجال الرد على من يعتبر الاحتفال بالمولد بدعة فقد أفاد العلماء في ذلك وأجادوا.
وهنيئا لنا الذكرى وإحياءها، فهي مناسبة نجدد فيها العهد مع الله تعالى ورسوله أننا على استعداد بإذن الله لبذل الغالي والنفيس من جهد ووقت ومال… نصرة لديننا وتجديدا لإيماننا، مساهمة في بناء الخلافة على منهاج النبوة، تصديقا لموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديت الصحيح.
جعل الله شهر الربيع بلسما لجروحنا ودواء لأسقامنا، ورفعا للوباء، ووقاية من الفتن ما ظهر منها وما بطن، آمين يا رب العالمين.