“النبي العدنان كما وصفه القرآن”.. ندوة علمية من تنظيم الهيئة العامة للعمل النسائي

بثت قناة الشاهد الإلكترونية، مساء اليوم الخميس 26 ربيع الأول 1442ه / 12 نونبر 2020م، ندوة علمية عن بعد تحت عنوان: النبي العدنان كما وصفه القرآن، من تنظيم الهيئة العامة للعمل النسائي لجماعة العدل والإحسان – لجنة القرآن الكريم.
تناولت المداخلات الرئيسية الموضوع من خلال ثلاثة محاور:
المحور الأول: معرفته صلى الله عليه وسلم، قدمته الدكتورة خديجة السني.
المحور الثاني: محبته صلى الله عليه وسلم، قدمته الأستاذة فاطمة الطالبي العلوي.
المحور الثالث: الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، قدمته الأستاذة أمينة العرشي.
افتتحت الندوة القارئة أمينة برطام بتلاوة آيات بينات من كتاب الله الحكيم، الآيات من 40 إلى 48 من سورة الأحزاب.
ثم قدمت للندوة الأستاذة خديجة شوقي التي أدارت فقرات هذه الجلسة عن بعد، مبينة سياق تنظيمها: “إحياء لذكرى مولد الرحمة المهداة تلتف قلوبنا متشوقة ومتشوفة لما جادت به أقلام من محبي رسول الله، ففي محبته ومن محبته تسابقت أقلام ورصت كلمات وفاضت أشواق كلها تقول بلسان واحد: نحبك يا رسول الله، يا أيها الرحمة المهداة. لكن قبل المحبة معرفة وبعدها اتباع، فمن عرف أحب ومن أحب اتبع”.
المداخلة الأولى خصصتها خديجة السني للتعرف “على رسول الله ﷺ من خلال ما وصفه به ربنا سبحانه في كتابه العزيز وما اختصه به، لندرك مكانته عنده ومقامه الرفيع، فنزداد له حبًا وإكرامًا وتقديرا، فنقتدي ونتأسى به امثتالا لقوله تعالى: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا“.
ولبلوغ هذا الهدف أوردت مظاهر التعظيم للرسول الكريم، وجمعتها في ثلاثة:
1- ذكر ما اختصه الله تعالى به: أخذ الميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين أنه إذا ظهر النبي محمد ﷺ في عهد أي منهم سلام الله عليهم أجمعين أن يؤمن به ويتبعه – رفع ذكره – صلاة الله عليه وملائكته.
2- ذكر أخلاقه ﷺ: حيث مدح الله النبي بكمال الأخلاق في قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ثم جاءت آيات كثيرة مفصلة لهذا الخلق العظيم؛ فوصفه بالرحمة؛ للعالمين وللمومنين وللخلق أجمعين. ووصفه بأنه حريص على أمته..
3- تعدد أسمائه وصفاته ﷺ: مما يدل على عظم المسمَّى ورفعته، فسماه الله تعالى: محمدا، وأحمد، والسراج المنير..
وختمت السني مداخلتها بالتأكيد أن من تعظيم الله تعالى لرسوله ﷺ دفاعه عنه وإرشاد المسلمين لحسن التصرف معه؛ قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. ولعظيم قدره عند ربه لم يخاطبه سبحانه وتعالى إلا بلغة الاحترام، ولهجة الأدب، حتى في مواطن العتاب.
تلا هذه المداخلة تعقيب للأستاذة نادية بوصفيحة؛ تناولت فيه رحمته ﷺ بالكفار، “وشفقته بمن دعاهم إلى الهداية فأعرضوا عنها حتى أنه كاد يهلك من الحزن والأسى لأنهم لم يؤمنوا، وهذا يدل على ما يحمله هذا القلب العظيم من حب الخير للناس جميعا”.
و”من إكرام الله سبحانه وتعالى لرسوله ﷺ وعظيم مكانته عنده سبحانه لم ينزل العذاب بالكافرين من قومه مع أنهم جحدوا و تحدوا أن ينزل فيهم العذاب.. بل جعله الله أمانا في أمته كما قال صلى الله عليه وسلم: “أنزل الله علي أمانين لأمتي وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون” تضيف بوصفيحة.
وأوضحت الطالبي العلوي في المداخلة الثانية أن أهل العلم اختلفوا في تعريف محبة الرسول ﷺ “فمنهم من قال المحبة اتباع الرسول ﷺ، ومنهم من قال: هي نصرته ﷺ والذب عن سنته والانقياد لها وهيبة مخالفته، ومنهم من قال هي دوام الذكر للمحبوب والشوق له وميل القلب إلى موافقته صلى الله عليه وسلم”.
وهذه المحبة واجبة شرعا، تقول الطالبي مستندة إلى آيات من كتاب الله الحكيم وأحاديث لرسول الله ﷺ وأقوال العلماء.
وثمار هذه المحبة تظهر في القلب واللسان والجوارح، و”إلا لم يكن صادقا في حبه”، وعلامته، وفق ما جاءت به الطالبي؛ “الاقتداء به، واتباع سنته، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدب بأدبه، وحب النور الذي جاء به وهو كتاب الله”.
أما في ثواب هذه المحبة فكشفت المتحدثة أن أعظمه “الكينونةُ مع الحبيب ﷺ في الجنة”.
وأوردت المتدخلة نماذج ساطعة لصحابة صدقوا في محبته ﷺ من بينهم “الأنصارية التي قتل أبوها وزوجها وأخوها في غزوة أحد مع النبي ﷺ، وهي تسأل: ما فعل رسول الله؟ قالوا: هو بحمد الله كما تحبين، قالت أرونيه أرونيه حتى أنظر إليه، فلما رأته قالت كل مصيبة بعدك جلل”.
أعقب المداخلة تعقيب للأستاذة سكينة محفور، أكدت فيه أن حسن اتباع النبي ﷺ “رهين بمدى محبتك ومعرفتك له معرفة حقيقية نابعة عن إيمان وتصديق واقتداء. معرفة شمائله وقدره عند ربه، معرفة سيرته وسنته القولية والفعلية والتقريرية، وصفاته الخلقية والخلقية”.
وذكّرت بأن “من أعظم أبواب الولوج إلى محبة المولى عز وجل، اتباع هدي نبيه الكريم”. وأن الارتقاء عند الله تعالى لا يتم إلا “إذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم راسخة في قلوبنا، حاضرة في بيوتنا، وفي أعمالنا؛ في أفراحنا وأحزاننا، في حلنا وترحالنا وفي جميع شؤون حياتنا”.
في المداخلة الثالثة اعتمدت العرشي قول الله سبحانه وتعالى قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ لتوضح معنى الاقتداء، الذي “هو السير في أثره ﷺ وأن نكون على قدم رسول الله، واتخاذه طبيبا وعمادا”.
وكشفت العرشي أن في الآية دلالة على “الطريق والغاية والدليل والنتيجة؛ فالطريق اتباع الشريعة، والغاية محبة العبد لربه ومحبة الله لعبده، محبة متبادلة”.
واختارت المتحدثة جانب اتباع رسول الله ﷺ في حاله مع القرآن لأنه “أساس بناء الشخصية المؤمنة”، وشددت على ضرورة “اتباع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعلمه وإتقانه تلاوة وترتيلا وفصاحة واستماعا وتمثلا وخدمة للقرآن بتعليمه الناس، حتى نصير بحفظنا مدرسة قرآنية متنقلة عبر الأجيال، نحيى بالقرآن ونحيي به الأجيال، نَحفظه ونُحفّظه”.
وساقت العرشي أيضا نماذج لصحابة صدقوا في اتباعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم سيدنا عمر بن الخطاب، الذي أصبح بعد “اتصاله واتباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرعا عبقريا، ورمز العدل المزاوج بين الحزم والرحمة، وصاحب الأفق الواسع، ذو الفراسة الصادقة”.
وختمت الندوة بتعقيب الأستاذة السعدية كيتاوي التي أوردت بعض الأسباب الموجبة لمحبة سيدنا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه، قائلة: “نحبه لأن الله يحبه، نحبه لأن الله اختصه بالنيابة فقال إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله. نحبه ونكثر الصلاة عليه.. نحب رسول الله ﷺ لأن الله عز وجل وعده أنه لن يسوءه في أمته، فكيف يسوؤه فيمن يحبه”.
وأضافت: “الاتباع محبة وشوق واستحضار لكل التفاصيل الصغيرة عند سيدنا رسول الله.. نحب رسول الله ﷺ ونستحضره كأنه إنسان قريب نحاكيه، نتحدث معه.. نصلي عليه لأن الصلاة نور وبرهان وضياء وفرحة وسرور وقرب.. نصلي عليه لأنه رسول الله وكفى. اللهم صل على سيدنا محمد النبي وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته كما صليت على سيدنا إبراهيم”.