فصل فِي فضيلة الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ والتسليم عَلَيْهِ والدُّعاء لَهُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْخُ الصَّالِحُ مِنْ كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا النَّسَائِيُّ، أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ؛ قَالَ: أَخْبَرَنا كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ مَوْلَى نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا لي الوسيلة فإنها مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ؛ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الوسيلة حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ” (1).
وَرَوَى أَنَس بن مَالِك أَنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: “من صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عنه عشر خطيئات، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ” (2). وَفِي رِوَايَة: “وَكَتَب لَه عَشْر حسنات”.
وعز أنس، عنه صلى الله عليه وسلم: “إن جِبْرِيلَ نَادَانِي، فَقَال: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَرَفَعَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ”.
وَمِن رِوَايَة عَبْد الرَّحْمن بن عَوْف، عَنْه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم: “لَقِيتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ لِي: إِنِّي أُبَشِّرُكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ” (3).
وَنَحْوه من رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة، ومالك بن أوْس بن الحَدَثان، وَعُبَيْد اللَّه بن أَبِي طلحة.
وَعَن زَيْد بن الْحُبَاب (4): سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَقُول: “مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَنْزِلْهُ المنزلَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي” (5).
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: “أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً” (6).
وَعَن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغَفِرْ لَهُ مَا بَقِي اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ” (7).
وَعَن عامِر بن رَبِيعَة: سَمِعْت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “مَنْ صَلَّى علي صَلَاة صَلَّت عَلَيْه الْمَلَائِكَة مَا صَلَّى عَلَيّ، فَلْيُقْلِلْ من ذَلِك عَبْد أَو لِيُكْثِر” (8).
وَعَن أُبَيّ بن كَعْب: كَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم إذَا ذَهَب رُبُع اللَّيْل قَام فَقَال: “أيُّهَا النَّاس؛ اذْكُرُوا اللَّه، جَاءَت الرَّاجِفَة تَتْبَعُهَا الرَّادِفَة، جاء الْمَوْت بِمَا فِيه” (9). فَقَال أُبَيّ بن كَعْب: يَا رَسُول اللَّه؛ إنّي أُكْثِر الصَّلَاة عَلَيْك، فكم أَجْعَل لَك من صَلَاتِي؟ قَال: “مَا شِئْت” قَال: الرّبْع؟ قَال: مَا شِئْت، وَإن زِدْت فَهُو خير”. قَال: الثُّلُث؟ قَال: “مَا شِئْت، وَإن زدت فهو خير”. قَال: النّصْف؟ قَال: “مَا شِئْت، وَإن زِدْت فَهُو خَيْر”. قَال: الثُّلُثَيْن؟ قَال: “مَا شِئْت، وَإن زِدْت فَهُو خَيْر”. قَال: يَا رَسُول اللَّه، فَأَجْعَلُ صَلَاتِي كُلَّهَا لَك؟ قَال: “إذَا تُكْفَى وَيُغْفَر ذَنْبُك”.
وَعَن أَبِي طلحة: دَخَلْت عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَرَأيْت من بِشْره وطلاقته ما لم أرَهُ، فَسَألْتُه، فقال: “وما يمنعني وَقَدْ خَرَجَ جِبْرِيلُ آنِفًا، فَأَتَانِي بِبِشَارَةٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ أُبَشِّرُكَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ يُصَلِّي عَلَيْكَ إِلَّا صلى عليه وَمَلَائِكَتُهُ بِهَا عَشْرًا” (10).
وَعَن جَابِر بن عَبْد اللَّه قَال: قَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم: “مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ الشَفَاعَة يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.
وَعَن سَعْد بن أَبِي وَقَّاص: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ.
وَرَوَى ابنُ وَهْب أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال: “مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ عَشْرًا فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً” (11).
وَفِي بَعْض الآثار: “لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ مَا أَعْرِفُهُمْ إِلَّا بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِمْ عَلَيَّ”.
وَفِي آخَرَ: “إِنَّ أَنْجَاكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا وَمَوَاطِنِهَا أَكْثَرُكُمْ عَلَيَّ صَلَاةً” (12).
وَعَنْ أَبِي بَكْر: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عَلَيْه وَسَلَّم أَمْحَقُ لِلذُّنُوب مِن الْمَاء الْبَارِد لِلنَّار، وَالسَّلَام عليه أفْضَل من عِتْق الرّقَاب.
من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم، للقاضي عياض، ج2، ص 62-64. الطبعة الثالثة: 1461هـ – 2001م.
(1) مسلم (384/11)، تحفة الأشراف (8871).
(2) النسائي (1296)،تحفة الأشراف (244).
(3) مسند أحمد (1/191)، مستدرك الحاكم (1/550)، معجم الأحاديث القدسية (177).
(4) زيد بن الحباب ليس بصحابي ولكنه من الطبقة التاسعة، له ترجمة في التقريب (2124).
(5) الترمذي (484)، ابن حبان (2389 – موارد)،تحفة الأشراف (9340)، الشذرة (241).
(6) الموضوعات (1/228)، النكت البديعات (19)، مجمع (1/136).
(7) ابن ماجة (907)، تحفة الأشراف (5039)، مسند أحمد (3/445) وسنده ضعيف.
(8) الترمذي (2457) وقال: “حسن صحيح”، تحفة الأشراف (30).
(9) النسائي (1282، 1294)،تحفة الأشراف (3777).
(10) مسلم (386/13)،تحفة الأشراف (3877).
(11) لم أهتد إلى تخريجه ولم يتكلم عليه السيوطي.
(12) عزاه السيوطي للأصبهاني في الترغيب.