ذة. جرعود: انفراد العلم بقيادة العالم دون قيد أخلاقي مغامرة غير محسوبة العواقب

أثارت الأستاذة أمان جرعود، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان ومسؤولة القطاع النسائي بها، موضوع النقاش حول الفيروسات؛ أصلها ومسلسل البحث عن لقاح لها، ثم مدى جدوائيته وآثاره وتداعياته. ونبهت إلى أن أصل النقاش يجب أن يتركز حول منطلق البحث العلمي ومرساه والذي هو القواعد الأخلاقية، “وإلا فإن انفراد العلم بقيادة العالم دون قيد أخلاقي مغامرة غير محسوبة العواقب” حسب قولها.
مناسبة هذا القول، توضح جرعود في مستهل تدوينة نشرتها على حسابها في فيسبوك يوم الخميس 10 شتنبر الجاري، “راجعة بالأساس إلى ما نتابعه من نقاش حامٍ حول حرب الفيروسات منذ اندلاع الجائحة إلى يوم الناس هذا؛ سيل من الفرضيات حول أصل الفيروس؛ وهل هو نتاج طفرة طبيعية أم أنه معدل وراثيا… ومسلسل البحث عن اللقاحات وما يتداول عن جدوى اللقاح وآثاره وتداعياته…”.
وهو نقاش “في أصله ليس وليد جائحة كوفيد 19، بل يمتد لسنين خلت، وفي كل مرة نسمع عن برامج الجينات الوراثية وعالم الخلايا الدقيقة وطفرات الذكاء الاصطناعي، ليتطور الحديث عن التهديدات المحتملة التي تشكلها الثورة العلمية والتكنولوجية على مستقبل البشرية” تضيف جرعود.
وكشفت جرعود أن قصدها من التدوينة “التنبيه إلى زاوية أخرى في المعالجة لها أنصارها والمدافعين عنها، ونحن أحوج إليها اليوم أكثر من أي وقت آخر”.
واعتبرت الناشطة الحقوقية أن “النقاش اليوم لا ينبغي أن يتركز حول تهديد التكنولوجيا للإنسان، لأن العلم المجرد في نهاية المطاف هو وسيلة وأداة محايدة”، مستدلة بقول الله عز وجل: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)، لتخلص إلى أن “المشكل ليس في الحديد ولكن في كيفية تسخيره”، وتضيف “مشكلتنا إذا ليست في استخدام الوسائل ولا في تطويرها، مشكلتنا الأساس في الغايات التي من أجلها تستخدم تلكم الوسائل”.
وبناء على ذلك، حسب رأي جرعود، “فإن التركيز ينبغي أن ينصب؛ ليس حول تهديد العلم للإنسان، ولكن حول تهديد الإنسان لأخيه الإنسان؛ باعتباره واضع تلك الغايات والمتحكم فيها”. منبهة إلى سبب جزء كبير من المشاكل التي يتخبط فيها العالم الآن، فـ”هذا الإنسان حين يطغى ويتجبر ويتمرد يصبح خطرا يتهدد الجميع، هذا الشره والنهم لامتلاك السلطة والقوة هو أكبر خطر يتهددنا”.
وربطت المشكل الحاضر بما عاشته الإنسانية عبر العصور نتيجة لهذا التجبر في سؤال تقريري مفاده: “ألم تكن مآسي البشرية عبر التاريخ نتاج تسلط الإنسان على الإنسان، وما زالت؟”.
وأقرت أن أصل داء العلوم هو “عجز هذا الإنسان عن إرساء قاعدة أخلاقية تكون منطلق البحث العلمي ومرساه”.
وعليه، تضيف جرعود في خلاصة تحقق ميزان العلم الذي ينبغي أن يكون خادما لمصلحة الإنسان، “فلن تكون الإنسانية بأمان إلا إن تصالح العلم مع القيم الأخلاقية وانضبط إليها، وإلا فإن انفراد العلم بقيادة العالم دون قيد أخلاقي مغامرة غير محسوبة العواقب”.