د. متوكل: ما وقع لمريم بوجيتو “عنصرية مقيتة لا تمت لشعارات الحرية والأخوة والمساواة بصلة”

استهجن الدكتور عبد الواحد متوكل، رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، الجدل الدائر في فرنسا على خلفية ما تعرضت له الطالبة ذات الأصول المغربية مريم بوجيتو في البرلمان الفرنسي يوم الخميس 17 شتنبر 2020، حيث انسحب برلمانيون يمينيون وجمهوريون من اجتماع لمناقشة آثار أزمة “كوفيد-19” على الأطفال والشباب رفضاً لوجود محجبة فيه. ووصف الفعل بأنه “عنصرية مقيتة” ووصمة “عار” في جبين “بلد متقدم”.
وكتب متوكل في تدوينة نشرها أمس الثلاثاء 25 شتنبر بعنوان “عودة الجدل حول غطاء رأس المرأة في فرنسا”: “لو قال قائل: كان فيما مضى بلد يتضايق بعض نخبه من قطعة قماش تضعها امرأة باختيارها على رأسها، لقلنا حديث خرافة يصعب أن يثبت. فإن اعترض وقال إنه قد ثبت يقينا أنه كانت هناك أمم تنقم من بعض مواطنيها إن هم أسلموا لله وآمنوا به، وأخرى تأمر بطرد من لم يطبع مع الفاحشة وامتنع عن تزكيتها، وقد أشار كتاب الله العزيز في قوله عن الصنف الأول: “وما نقموا منهم إلا أن يومنوا بالله العزيز الحميد”، وعن الصنف الثاني بقوله: “أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون”. لو قال ذلك، لقلنا هذا صحيح، ولكن ذلك زمن مضى والناس كانوا آنئذ على قدر متواضع من النضج وثقافة التسامح مع المخالف. لكن أن يحدث شيء من جنس هذا في القرن الواحد والعشرين، وفي بلد يتغنى بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ويزهو بتاريخ ثورة أطاحت بالاستبداد والطغيان، فهذا من أعجب العجائب وأغرب الغرائب، وقد يكون صادما لكثيرين”.
وساءل متوكل القيم التي يقوم عليها النظام الفرنسي والذي يفترض أن تتمثلها نخبه مستنكرا: “ما المشكلة إن اختارت امرأة أن تغطي رأسها لسبب يعنيها، وليس فيه أي ضرر لأي أحد ولا للمجتمع الذي تعيش فيه؟ أن تختلف معها، ولا تعجبك أفكارها ولا حتى منظرها، فذلك شأنك. ولكن ألا تطيق وجودها في مؤسسة يفترض أنها تمثل كل الشعب الفرنسي بكل حساسياته، وهذه الفتاة منه واختارها الطلبة لتنوب عنهم، فهذا موقف أقل ما يوصف به أنه لا يليق”.
ونبه رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان إلى إمكانية تسرب مشاعر الكره لدى هؤلاء إلى المجتمع برمته، مما قد يؤدي إلى اتساع مجاله وما يمكن أن ينجم عنه من تأجج للعنصرية والتطرف، فقال: “ولا يستبعد أن تدفع مشاعر الكره لدى هؤلاء إلى التضايق من وجود أمثال هذه الفتاة حتى في المجتمع على اتساعه”.
وذيل تدوينته بالدعوة إلى وضع حد لهذه الكراهية؛ “أما آن لهذه الكراهية التي تروج باسم مفهوم متطرف للعلمانية أن تنتهي؟ إنها عنصرية مقيتة لا تمت لشعارات الحرية والأخوة والمساواة وحقوق الإنسان بصلة. عار أن نسمع ونقرأ عن بلد متقدم في هذا الزمن، بل وينقل إلينا بالصوت والصورة مواقف غاية في الاستهجان”.
يذكر أن الطالبة مريم بوجيتو سبق أن تعرضت لموجة انتقادات شديدة سنة 2018 على خلفية اختيارها من طرف طلبة جامعة السوربون رئيسةً للاتحاد الوطني لطلبة فرنسا، كان أشهرها كاريكاتير “صحيفة شارلي إيبدو” المعروفة بعدائها القوي للمسلمين.