لكِ البشرى

أختي المؤمنة:
جائحة كورونا حدث لا ككل الأحداث، حدث عم البشرية جمعاء، غيّر المفاهيم والعادات والتقاليد، أحدث نقلة نوعية لم يشهد لها التاريخ مثيلا في السلوك، والقناعات، والعلاقات، وأزاح القناع لتظهر لنا الحقائق جلية، ونعلم بأن قدرة الله فوق كل شيء، هذا الحدث جعلنا نعيد النظر في الكثير من الأشياء شئنا أم أبينا، أيقظنا من غفوتنا ليدرك العالم بأسره أن القوة لله جميعا وأن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
في مثل هذه المواقف تتجلى لنا نعمة الإسلام العظيم، فالمؤمن اللبيب هو من يكيف الظروف لصالحه، ويدرك أن الابتلاء نعمة من الله عز وجل، وهذا لم يكن غريبا عنك أيتها المرأة المؤمنة فقد أبنت عن دورك الفعال في ظل هذه الجائحة داخل البيت وخارجه، ولم تقفي مكتوفة الأيدي رغم الإكراهات، فقد استطعت بحنكتك التخفيف من وطـأة هذا البلاء، أعدت ترتيب البيت برحمة ومودة وتسامح، لتجعلي الأسرة أكثر تلاحما وانسجاما، وقفت على ثغرك في الجبهة الأمامية أكثر قوة وثباتا، ترصصين لبنات الأسرة بالتضحية والتسامح والتغافل والمساندة، وتشحنين العزائم والهمم، وتشدين عضد الزوج، وتساندين الأبناء، وتصلين الرحم، وتضمدين الجراح بروح من المودة والحب والعطاء.
فكنت ذلك القلب الجامع الذي يفيض حنانا وطيبوبة، مخلصة النية لله عز وجل أولا وأخيرا، فكأنك تلك النحلة التي تنتقل من زهرة إلى زهرة لتجمع الرحيق فتجعله عسلا تطعم به من حولها.
فهنيئا لك أختي وأبشري فمجهوداتك لن تذهب سدى، فهذه هدية من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقري بها عينا وطيبي بها نفسا:
عن عبادة بن كثير عن عبد الله الحريري عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”خير الرجال من أمتي خيارهم لنسائهم، وخير النساء من أمتي خيرهن لأزواجهن، يرفع لكل امرأة منهن كل يوم وليلة أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله صابرين محتسبين، وفضل إحداهن على الحور العين كفضل محمد صلى الله عليه وسلم على أدنى رجل منكم، وخير النساء من أمتي من تأتي مسرة لزوجها في كل شيء يهواه، ما خلا معصية الله تعالى، وخير الرجال من أمتي من تلطف بأهله لطف الوالدة بولدها، يكتب لكل رجل منهم كل يوم وليلة أجر مائة شهيد قتلوا في سبيل الله صابرين محتسبين. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله وكيف يكون للمرأة أجر ألف شهيد، وللرجل أجر مائة شهيد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوما علمت أن المرأة أعظم أجرا من الرجل، وأفضل منه ثوابا، فإن الله عز وجل يرفع الرجل في الجنة درجات فوق درجاته برضى زوجته عنه، ودعائها له، أوما علمت أن أعظم وزر بعد الشرك بالله المرأة إذا عصت زوجها، ألا فاتقوا الله في الضعيفين، فإن الله سائلكم عنهما، اليتيم والمرأة، فمن أحسن إليهما فقد بلغ إلى الله عز وجل رضوانه، ومن أساء إليهما فقد استوجب من الله سخطه، وحق الزوجة على الزوج كحقي عليكم، فمن ضيع حقي فقد ضيع حق الله، ومن ضيع حق الله فقد باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير”. من كتاب الغنية لعبد القادر الجيلاني، ص. 45.