سبل الوصول إلى حب الرسول صلى الله عليه وسلم

إذا طرحنا سؤالا على كل مسلم هل تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ سيكون الجواب حتما: نعم، لكن هل يكفي الإقرار باللسان فقط بمحبته صلى الله عليه وسلم؟!! أم لحبه علامات وبراهين تدل على صدق المدعي؟ وما هي سبل الوصول إلى حب الرسول؟
1. المحبة تصديق
لا حديث عن الإيمان إذا لم يكن حب الله ورسوله هو الحب الأسبق في القلب عن سائر المحبوبات؛ حب النفس والولد والمال وغيرها، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما” (1) وفي حديث آخر “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” (2). فمحبة النبي تصديق لكل ماجاء به من أقوال وأفعال وتقريرات تصديقا لا يخالطه ريب، لأن سنته صلى الله عليه وسلم هي المصدر الثاني من مصادر التشريع عند المسلمين، كما أن كلامه لا يأتي من هوى النفس البشرية كما قال ربنا عز وجل: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى(3). إذن لابد من تصديق كل ماجاء به صلى الله عليه وسلم تصديقا جازما لا يخالطه ريب.
2. المحبة تطبيق
لابد بعد التصديق من تطبيق واتباع كل ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، لأن اتباعه وطاعته هي طاعة لله عز وجل: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (4).
3. المحبة تبليغ
حب النبي صلى الله عليه وسلم يتبدى واضحا في تبليغ وإيصال هديه وسنته للناس أجمعين، كما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بلغوا عني ولو آية” (5)، حيث أمرنا صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه، ولو بآية واحدة وذلك أقل القليل.
4. المحبة دوام لذكر المحبوب
إذا أحب الإنسان شخصا ما فهو لا يفتأ يذكره في المحافل والمجالس لتعلقه به كدليل على صدق حبه، فكيف بحب خير الخلق وسيدهم أجمعين. وحبه شرط من شروط كمال الإيمان، فالحبيب عن ذكر حبيبه لا يفتر، خاصة وأن ذكره بالصلاة عليه ائتمار بأمر الله الذي جاء في سورة الأحزاب: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (6).
وروى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة” (7).
فكيف نصلي إذن على النبي صلى الله عليه وسلم؟
توجد صيغ كثيرة للصلاة على النبي، لكن المحب لابد أن يتشوف لأعظمها فضلا وثوابا عند الله عزوجل، وأكثرها قربا وشوقا لسيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وهي صيغة المكيال الأوفى: فعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد (8).
نسأله تعالى أن يجعلنا من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من إخوانه الذين اشتاق إلى رؤيتهم حين قال: “وددت لو رأيت إخواني” قيل: “أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم صحابتي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله” (9).
والله إنه لشرف لهذه الأمة أن يتمنى صلى الله عليه وسلم رؤية من لم يعاصرهم من أمته وأتباعه، فأولى أن نكون نحن أشد تمنيا وأشد تطلعا لرؤيته صلى الله عليه ووسلم، روى الإمام أحمد فى مسنده عن أبي عبد الرحمن الجهني: بينما نحن عند رسول الله إذ طلع ركبان فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنديان مدحجيان، فأقبل أحدهما يبايع النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده، قال: المدحجي للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت من رآك وآمن بك واتبعك وصدقك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: طوبى له. فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم وانصرف، ثم جاء الآخر فمد يده ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك ولم يرك ماذا له؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طوبى له، ثم طوبى له، ثم طوبى له”.
لعمري إنها لأعظم بشارة لنا جميعا إن آمنا به وصدقنا واتبعنا وبلغنا وأكثرنا الصلاة عليه، فمحبته صلى الله عليه وسلم: تصديق وإتباع وتبليغ ودوام للصلاة عليه. اللهم أدخلنا مع الآل والصحب والتابعين ومن والاهم في زمرة المصطفى بفضلك وجودك وكرمك، بجاه نور الأنوار وسيد الأبرار المصطفى المختار عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
1- أخرجه الامام أحمد.
2- رواه البخاري 15، ومسلم 44.
3- سورة النجم، آية 4.
4- سورة آل عمران، آية 31.
5- أخرجه البخاري 31.
6- سورة الأحزاب، آية 56.
7- رواه ابن حبان في صحيحه وأبو يعلى في مسنده.
8- صحيح البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة.
9- رواه مسلم والقشيري في الرسالة بلفظ أحبابي.