الحب بين الزوجين: اختفاء وخفوت أو احتفاء ونبض متجدد؟

حينما يكون الحب قويا بين زوجين جمعهما الرباط المقدس فذلك يعني حياة مليئة بالسعادة والمودة والرحمة المتبادلة بين كليهما.
لكن هل الأمر بسيط لهذه الدرجة أم أن الموضوع خطير وشائك؟!
تتداخل عدة عوامل في الموضوع بدءا باختيار الزوجين بعضهما البعض، يليه ما يعيشانه من تفاصيل دقيقة وأساسيات في حياتيهما، وعطفا على ذلك مساهماتهما في الحفاظ على ذلك الرباط المقدس بسلوكات وأفعال وأقوال ومواقف.
وبذلك يأتي موضوع الحب بينهما بناء على ما سبق، فالزوجة يرتسم في ذهنها الزوج المحب الولهان الذي لا يرى غيرها، ولا يعيش إلا لها، ولا ينفك يفترق عنها. وهو يرى فيها ملاك الرحمة، ومنبع الحنان، وشفاء لعلله كلها! ونسيا المسكينان أن الحب سامٍ لا يمكن تقزيمه أو بتره أو فصله عن مدخلات الحياة ومجرياتها، واشتباكات العلاقة الزوجية بعلائق المجتمع الذي تنشأ فيه هذه العلاقة الفتية الناشئة!
لكن أكان تصورهما الأول الذي طرحناه آنفا تصورا فاسدا للزواج والحب، أم أن ذلك عين الصواب ولب الموضوع وجوهره؟
الرأي الأول ما يجب أن يكون، أما الثاني فطارئ على العلاقة وجب علاجه وتوضيحه وتفسيره وتحليله بالتوافق على أرضية الواقع المعيش غير المصطنع.
بين هذا وذاك قد يذبل الحب وينعرج في منعرجات الحياة الضيقة التي تمر عبر العقبات الممتدة على طول الطريق وعرضها، فيضيع تصور وردي كان مبنيا على الأحكام الجاهزة والتصورات القبلية، حتى إذا عرضت البضاعة على خبرة الدهر وُجدت فاسدة لا يرجى صلاحها!
لكن أليس ذلك الاحترام المتبادل طيلة سنوات من العمر حبا لكنه محتشم وحيي؟
أليست تلك اللحظات الجميلة التي تقع حبا صادقا غير مفتعل؟ أو إن شئتم تلك الاستماتة في دفاع طرف عن الآخر وحفظ غيبته والحفاظ على ماله وعرضه أليست حبا ساميا؟
أم تلك النسائم من لحم ودم، تلك التي تكون لها القدرة الرهيبة على لأم الزوجين بعضهما البعض، واشتغالهما في التربية والإعداد حتى ينفلت العمر، بين حنان وحنين، بين عطاء وود، بين دعاء وبكاء!
كل نواميس السماء تقدس الحب الصادق، وتضعه في موضع القوة والبناء في حياة كل شريكين متحابين، لكن الأقدار التي يصنعها البشر أحيانا تتلف كل تلك الخيوط الشفافة الرقيقة التي نسجت، ورقعت ما انفرط من عقد الوداد بينهما!
أحيانا تنكسر تلك القلوب المتحابة بعبارة أو زفرة أو تأفف أو التفاتة أو نزغة من شياطين الإنسان وجنه، فلا يعود الحب ممكنا حتى بعد حين، تلك تكون نهاية جدول رقراق يصب في صحراء لا تقبل الماء الجاري، تقتله فيتبخر هواء حارا يخنق أصحابه، فيغدوان سجينين في قفص معتم مظلم!
أما ما يصلحه الود والاعتراف بالفضل بين الزوجين فممكن أن يعود إلى مجراه المترقرق العذب بغض الطرف، وصرف النظر، واجتراح الطيبات، وتجديد النيات، والالتفات إلى ما كان أفسد العلاقة والرباط فنصلحه، تقربا إلى الله، ونسجا لحياة متماسكة؛ يشد الزوج زوجه كأنه بنيان مرصوص.