أساسيات في بناء عش الزوجية

خلق الله الزوجين الذكر والأنثى من كل شيء لحكمة عظيمة. قال تعالى: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (الذاريات، 49).
كرّم الله عز وجل العلاقة الزوجية ووصفها بالميثاق الغليظ، تشبيها بميثاق النبوة، مما يدل على عظيم شأنها، لذلك وضع من أجل تأسيسها شروطا وقواعد، تضمن احترامها وسلامة بيت الزوجية من عوامل الفشل وأسباب الشقاء، وبهذا يكون المجتمع بأكمله في منأىً عن التشتت والكراهية؛ التي هي مرتع خصب لكل أنواع البلايا.
شروط اختيار الزوج
إذا كانت معايير الاختيار في بعض الأعراف السائدة عند الناس في المجتمع، تقوم على تأمين العلاقات الجنسية في الإطار الشرعي، والزوج الصالح ذو المال والمنصب والجمال والقوة، فإنها في الشرع الإسلامي تزيد عنها معاني المودة والرحمة.. (1) لمحوريتهما ودورهما في الاستقرار الأسري.
فمعيار الصلاح وشرط توفر الدين والخلق في الزوج (الرجل)، هو أيضا شرط الزوج (المرأة)، فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك” (2).
ولما كان الزواج أمر جلل يحدّد مصير الإنسان في الدنيا والآخرة، وله من التداعيات ما تعود على المجتمع برُمته؛ كانت الاستخارة أولى الخطوات وأوجب الواجبات. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمها الصحابة كما يعلمهم السورة من القرآن؛ فمن بركاتها، أن ييسر الله لكل من المرأة والرجل مستشارا أمينا، يسدي النصح القويم في أمر من سيكون شريك الآخر في بناء بيت يُعبد فيه الله ويتعاون الزوجان على سعادة الدارين.
ومما ينبغي أخذه بعين الاعتبار أيضا رضا الوالدين، وفي هذا يقول الإمام عبد السلام ياسين: “عُقلاء الأمهات والآباء لا يُستغنى عن استشارتهم وترضيتهم. إلا أن يكونا أو أحدهما، أو الأعمام والعمات والأخوال والخالات، من أعداء الدين، أو يكون الجشَع والخوف والغباء السياسي سد عليهم منافذ التعقل” (3).
هذا باختصار، أهم ما ينبغي مراعاته من أجل أن يبارك الله الزواج الإسلامي؛ الذي وصفه الله عز وجل بأنه من آياته العظمى في الخلق: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم، 21).
الإحالات:
(1) ياسين عبد السلام، تنوير المؤمنات،ج2، مطبوعات الأفق الدار البيضاء، ط/1، 1996م، ص162.
(2) أخرجه البخاري ومسلم.
(3) تنوير المومنات، م. س. ص 171.