أبناؤنا وتنمية ثقافة الحوار

كثيرا ما نسمع كلمات: اسكت، اصمت، اخرس، ليس الآن، ما زلت صغيرا، موضوع لا يهمك…!
سلوكيات نتعامل بها مع أبنائنا عهدناها وألفناها، مورست علينا ونحن صغارا وطبقناها ونحن كبارا.
فما السبيل إلى تغيير هذه العادات الجارفة والخطيرة في تربية أبنائنا؟ وكيف نغير سلوكنا من ثقافة القمع والقهر والتسلط والأنانية إلى أخرى تمنحنا جوا أسريا تسوده الألفة والمحبة والثقة والتفاهم، يحصن أبناءنا من مخاطر الاستسلام والهزيمة النفسية؟
إن من أهم مناهج التربية السليمة، اهتمام الأسرة بتربية الأبناء على الحوار، ونشر ثقافته وآدابه، لما له من ثمار تربوية عظيمة تجنيها الأجيال.
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبين أنفسنا آباء وأمهات، نسمع ونستمع وننصت، نسمع بآذاننا ونستمع وننصت بقلوبنا وعقولنا.
نوفر لأبنائنا المناخ الأسري الذي يسوده التفاهم والتواصل الإيجابي المبني على التقبل للذات بعيدا عن التسلط والتسيب.
نشركهم في مختلف الموضوعات، مما ينعكس عليهم إيجابا في جوانب متعددة؛ صحيا واجتماعيا وأخلاقيا وعقليا وعاطفيا.
نحترم وجهات نظرهم، ونتعامل معهم على أنهم أشخاص لهم آراؤهم وقدراتهم وميولاتهم، لا “صغارا” نملي عليهم ما نشاء.
لا ننفعل تجاه المخطئ منهم ونعودهم على فضائل الشورى والرحمة واللين؛ لقوله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (آل عمران، 159).
نساعدهم على اختيار أصدقائهم، وذلك بالعناية والاهتمام بالتحاور معهم حول إيجابيات الصداقات وسلبياتها، والصفات التي يجب أن تتوافر في الصديق، دون فرض الرأي عليهم برفض صديق أو قبول آخر.
نروي لهم القصص ذات المضمون الحواري، ونتدارسها معهم، وندربهم على استخلاص الدروس والفوائد منها وأخذ العبرة والعظة.
إن قيام الأسرة بتنمية ثقافة الحوار مع الأبناء له دوره في ترسيخ ثقافة الحوار في المجتمع، الأمر الذي يكون له انعكاساته الإيجابية؛ كتعميق الحس الحواري بين أفراده، وتبادل الخبرات والمعارف، وتقوية الروابط الاجتماعية، وإيجاد الحلول للمشكلات المختلفة، وتنمية المجتمع.
فلنغير سلوكنا…!