كيف أحبب لأطفالي الصيام والقراءة في رمضان؟

يقول الله تبارك وتعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان 5. لكل شهر وقعه، ولكل موسم مذاقه.
لرمضان أسماء وصفات: فهناك من يطلق عليه “بابا رمضان”، “سيدنا رمضان”، شهر الرحمة والغفران، شهر العتق من النيران، شهر البركات والصدقات، شهر القرآن. بينما وصفه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمطهر. فهو شهر جاء ليطهرنا من الذنوب ويرفع عنا الوباء والبلاء.
1- ذكريات رمضانية في تحبيب الصيام
كانت أمي دائما تخيط بخيط المحبة والابتسامة لتجمع نصف يوم ونصف اليوم الموالي من أجل أن تكمل لنا صيام يوم كامل. وما أن نصل ليلة السابع والعشرين حتى نكون ملزمين كباقي الأطفال الذين سيبلغون الحلم في السنة الموالية بالصيام، كتتويج لأنصاف أيامنا، وتقام حفلات عائلية من أجل ذلك. ولكن أكبر احتفالاتنا في هذا الشهر الكريم هي ليلة القدر.
هكذا تحبب الأسرة المغربية الصيام لأبنائها، عادات جميلة حاملة لمعاني التربية وحسن المعاشرة، ننظم ذلك كله بإبرة المحبة والابتسامة فنحبب الصيام للأطفال.
2- رمضان وتحبيب القراءة للأطفال
الطفولة هي المرحلة الأولى في بناء الشخصية، وفي ظل الأوضاع الحالية التي تعيشها الإنسانية جمعاء من احترازات وقائية من أجل القضاء على فيروس كورورنا المستجد، فإن المنزل أصبح يلعب دور المدرسة والمجتمع، إلى جانب دوره الأساس، في تربية الطفل.
ونحن في مدرسة رمضان حري أن تظهر نتائج الصيام في سلوكنا وسلوك أطفالنا، فلنحبب لهم القراءة، وذلك من خلال:
– إنشاء مكتبات داخل المنازل تحتوي على القصص، خاصة المشوقة والتاريخية، والأسطورية والخيالية والمغامرات لما لها من أثر في تنمية ميولهم وذكائهم، وإشباع خيالهم، والسمو بخبراتهم العادية، لما للقراءة من أثر إيجابي على العموم وعلى الأطفال خاصة.
يقول الخبير في علوم التربية سومرست موم: “إن الشهية للقراءة تتفتح على ما تتغذى به أكثر من تفتحها على أي شيء آخر، و كلما ازدادت قراءات الناس واتسعت أذواقهم، أدركوا مقدار المتعة التي يمكن تلمسها في ثنايا ما يقرؤون” 6.
– إتاحة الفرصة للأطفال لعرض مقروءاتهم، والاستماع لهم ومناقشتهم بأسلوبهم ولغتهم، فلذلك أثر عظيم على نفسيتهم.
أحد أهم أدوار الأسرة الآن داخل الحجر الصحي هو أن تقدم العون الكافي للأطفال كي يحبوا القراءة، والإصغاء لهم في هذا الشهر الكريم، ومشاركتهم معانيه الروحانية وأسراره وفضائله، والرفق بهم أول باب لذلك.
3- رمضان والدعاء
قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ 7، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: “الدعاء هو العبادة” 8.
تتعدد العبادات في شهر رمضان، من تلاوة القرآن وتدبره، إلى ذكر الله تعالى ذكر تطهير وتعمير وتنوير، كل هذا مع الصيام والقيام.
أجواء عالية من الروحانية والربانية، ويأتي الدعاء، مخ العبادة، سائلين الله إتمام إنعامه علينا بتقبل بضاعتنا المزجاة. والدعاء عبادة عظيمة فلنحذر أن نغبن فيها.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه”. فما أجمل أن يكون الدعاء قبل الفرح وبعده؛ قبل الإفطار تجتمع الأسرة، فيدعو أفرادها جميعا أن يرفع الله عنا هذا الوباء والبلاء، ويدعو الأطفال ويفرحوا بصيامهم.
ووقت الأسحار وقت مبارك؛ فيه يتنزل ربنا إلى السماء الدنيا ويسأل جل وعلا: “هل من داعي فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟”.
الدعاء واتخاذ الأسباب شرطان متلازمان من أجل القضاء على هذا الوباء، فلا تلهينا الأسباب عن رب الأسباب.
قد يكون هذا الوباء أثر على كثير من عاداتنا الرمضانية، لكن رغم كل هذه المؤثرات يظل “سيدنا رمضان” أو “بابا رمضان” شهر الرحمة والمغفرة مثيرا للبهجة والسرور.
ما إن يقارب على الرحيل حتى يتأجج الحنين، ويستعد الناس لاستقبال يوم العيد، في جو من الخشوع والاحتفاء البهي، والإكثار من صلة الرحم بين الأهل والأصدقاء. نسأل المولى عز وجل أن يرفع هذا البلاء عن الإنسانية جمعاء.
[2] من مقال “تنمية ميول القراءة لدى الأطفال” للدكتور مصطفى رجب، مجلة الرابطة العدد 460.
[3] سورة البقرة؛ الآية 185.
[4] رواه أبو داود في الصلاة، 1479. والترمذي في الدعوات، 3372.
[5] سورة البقرة؛ الآية 184.
[6] من مقال “تنمية ميول القراءة لدى الأطفال” للدكتور مصطفى رجب، مجلة الرابطة العدد 460.
[7] سورة البقرة؛ الآية 185.
[8] رواه أبو داود في الصلاة، 1479. والترمذي في الدعوات، 3372.