عمال النظافة.. خيركم فوق راسنا

يعيش الإنسان، ذلك الكائن الاجتماعي، في مجتمع يتفاعل فيه مع أفراده، وهذا التفاعل ينتج عنه وجود أناس لا حصر لهم. قد يسدون له خدمة أو نصحا أو يقضون له حاجة ..
من هنا تنبع أهمية الاعتراف بالشكر والثناء العاطر باللسان، وعندئذ نحقق الشكر لله، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” رواه الترمذي.
كما يكون الاعتراف بالجميل بمكافأة صاحبه عليه، فإن لم نستطع فبالدعاء له، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: “مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ” رواه أبو داود.
وعندما ننظر في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نجده أكثر الناس اعترافا بالجميل، وإقرارا بالفضل، ووفاء بالعهد حتى مع غير المسلم.
وفي وقتنا الحالي، والعالم بأسره يعيش تداعيات انتشار الأزمة الجائحة، فقد سنحت هذه الأخيرة بفرصة ثمينة للوقوف مع ذواتنا وإعادة التفكير في ما فقدناه في خضم الحياة المتسارعة من قيم وأخلاق نبيلة، من بينها خلق الاعتراف للآخر بجميله.
ومن حسنات فيروس كورونا أن ظهرت في زمانه مبادرات نوعية للاعتراف بجهود المتواجدين في الصفوف الأمامية لمواجهة وتطويق انتشار الوباء؛ على رأسهم أطر الصحة ورجال الأمن والوقاية المدنية ورجال ونساء التعليم وعمال النظافة… هذه الفئة الأخيرة يخاطر ممتهونها أيضا بأرواحهم بشكل يومي في سبيل راحة المواطنين.
وفي التفاتة إنسانية محمودة اجتاح هاشتاج #شكرا عمال النظافة…خيركم فوق راسنا# مواقع التواصل الاجتماعي، اعترافا بالجهود المبذولة من قبل هاته الفئة، التي قلما تحظى بالاهتمام والتقدير.
ففي الوقت الذي نلزم فيه بيوتنا، يتواجدون هم خارجها لجمع مخلفاتنا ومخلفات الأسواق وغيرها، راسمين البسمة بشوارعنا، غير آبهين للروائح المنبعثة من حاويات الأزبال، يعملون دون مظلات تحميهم الشمس الحارقة أو الأمطار الغزيرة، يعرضون أنفسهم لشتى الأخطار المرتبطة بالأمراض والميكروبات، يضاف إلى ذلك احتمال إصابتهم بفيروس كورونا لتعاملهم بشكل مباشر مع مخلفات قد تكون معدية إن كانت ناتجة عن شخص مصاب.
يستيقظون باكرا من أجل راحتنا، وينامون متأخرين منهكين، ليتسلموا في آخر الشهر أجرا زهيدا قد يصلهم في وقته وقد يتأخر كعادة الشركة المشغلة.
هؤلاء هم جنود الخفاء قبل وأثناء وبعد الجائحة، فماذا قدمنا لهم؟ وكيف يمكننا الاعتراف بجميلهم؟
طبعا مشاركة الهاشتاجات وحدها لا تكفي، فالمسؤولية نتشاركها جميعا؛ حكومة وأفرادا ومجتمعا مدنيا، عبر اتخاذ إجراءات عملية من بينها:
– المساهمة في تغيير النظرة الدونية للمجتمع لهذه الفئة، بدءا بتغيير الاسم المتداول (زبال) إلى اسم أرقى.
– إعطاء عمال النظافة حقهم ومكانتهم كفاعلين أساسيين في مجال التنمية البيئية.
– الرفع من أجورهم وتأهيلهم وتكوينهم لتطوير أدائهم.
– تحسين ظروف اشتغالهم وتقديم ضمانات صحية وتأمينية في حالة تعرضهم لحوادث الشغل.
– تقديم حوافز مادية وتسهيلات سكنية وغيرها لتحسين ظروف عيشهم..
#شكرا لكم عمال النظافة …. خيركم فوق راسنا#
شكرا كلمة لا تكفي …. ولكنها قد تكون البداية.