رمضان شهر الطاعات وتنزل الرحمات

الحمدُ لله الذي نزَّل الكتاب وهو يتولَّى الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، فهو إلهُ الأوَّلين والآخِرين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بشيرًا للمؤمنين، وحُجَّة على الخَلْق أجمعين، صلَّى الله على حبيب الحق وسيد الخلق الذي خصه الله بمعجزة الشق، والذي قال فيه الحق: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم.
إن الله تبارك وتعالى قد يبتلي العبد ويمتحنه؛ ليعلم فقره وحاجته إليه، وأنه لا غنى له عنه، فهو كاشف الكربات ومقضي الحاجات، فلا يكشف الضر إلا الله، ولا يدفع البلاء إلا الله، ولا يشفي من المرض إلا الله القائل: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (يونس، الآية 107)، والقائل سبحانه وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (الشعراء، 80).
كيف نسعى إلى بث اليقين في فرج الله؟ كيف نحرص على تعلم أن الأمر كله لله من قبل ومن بعد؟ كيف نحسن الظن بالحق سبحانه؟ فهو الضار وهو النافع، هو المحيي وهو المميت، هو القوي ونحن الضعفاء، هو الغني ونحن الفقراء.
الحمد لله الذي أحيانا فأوجد لنا مواسم للخير ونفحات للإيمان، وكل رمضان وأنتم أجد عملاً، وأكبر أملاً، وأسعد حالاً، وأوفر حلالاً، وأريح بالاً.
نستقبله كما كان يستقبله معلم البشرية عند رؤية الهلال بقوله “اللهم أهله علينا باليُمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله”.
أسأل الله لكم في شهر رمضان حسنات تتكاثر وذنوباً تتناثر وهموماً تتطاير، وأن يجعل بسمتكم سعادة، وصمتكم عبادة، وخاتمتكم شهادة، ورزقكم في زيادة، وبكل زخة مطر، وبعدد من حج واعتمر، أدعو الله أن يتقبل منكن صالح الأعمال والأفعال.
لنجعل من هذا الشهر الفضيل شهرا للتنافس على خير العبادات، وجميل الطاعات، تهذيبا للأخلاق، وتدريبا على مجاهدة النفس وحبسها على عدم إتيان المعاصي وما يغضب الحق سبحانه.
لنجعل من هذا الشهر العظيم شهر القيام والصيام والذكر وقراءة القرآن وحفظه وتدبره.
لنجعل من الأسرة منصة لإطلاق كل هاته العزمات، ووعاء لاستقبال كل هاته النفحات، شعارنا إن شاء الله تعالى “تحرير المبادرات واكتشاف الطاقات”.
موعدنا دعاء الرابطة في الثلث الأخير من الليل؛ فخلاله ينزل الحق سبحانه وتعالى مناديا عباده بقوله: “من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”.
اللهم اجعل أوله رحمه وأوسطه مغفره وآخره عتق من النار .
اللهم اغفر لنا، وتب علينا، واعطنا ولا تحرمنا، إنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين.