“آخر الأوبئة”: نموت أو ننتصر عليه؟

موضوع الساعة: حرب ڤيروسية قاتلة، فيروس لا يرى بالعين المجردة، إرهابه فاق كل أنواع الإرهاب البشري، عجزت قوى كنا نظنها عظمى، انهارت منظومات المقاومة اتجاهه باستسلام تام.
يتساءل الناس: هل هو صناعة بشرية ناتجة عن مؤامرة من قوى متصارعة على مكاسب سياسية واقتصادية بينها؟ أم هو وباء من خلق الله لا يد للبشر في نشره؟
هذا السؤال قد يبدو موغلا في البساطة لكنه واقع نفسي وهاجس بشري قد يخالط جميع النفوس الآن.
من خلال هذه المرحلة التي نعيشها جميعا ارتأينا أن نبدي بعض الاستنتاجات الأولية وفق ما بدا لحد الآن من خلاصات:
1- الڤيروس المربي:
أعادنا هذا الهجوم الكاسح من هذا الفيروس القاتل إلى أصل تربوي هام: إنه البناء الأسري وترتيب العلاقات وتوجيهها، إذ أخرجتنا هذه العزلة الصحية وهذا الاحتياط الحذر من تسيب تربوي كان مفروضا من واقع الاقتصاد المتوحش.. الأسرة كانت مغفَلة والآن تعود المؤسسة الأهم للوجود. فهل نعود حقا إليها!
2- الڤيروس الحرب:
تعيش بلدان العالم ما يشبه الحرب الضارية إن لم نقل حربا أفتك وأشد. إذ العامل النفسي هو الجندي المجهول الذي يساير الحرب؛ فينتصر أو ينهزم مسلما نفسه للموت المخيف الذي لا يعلم حده.
يمارس الفيروس الحرب القاتلة الشرسة بصمت، ونواجهه ولا نكاد ننتصر عليه. لقد نجح في تغيير قوانين الحرب!
3- الڤيروس والقانون:
تعاملت جل البلدان الموبوءة بالقانون المحلي أو الدولي. وافتضح بعضها في تطبيقه حد الغلو.
حمل الفيروس القاتل الدول على إعادة النظر في القوانين التي تنظم علاقتها بشعوبها، إذ كان تطبيق ذلك منحصرا بين اليد من حديد وبين الديمقراطية في التعاطي مع أفراد الوطن في ظل الأزمة.
4- الڤيروس المنصف:
كان سكان هذا الكوكب الأخضر منشغلين بحياتهم المتشابكة الموغلة في اللذة، السريعة، والفاتنة.
كانوا أشبه بمدينة بومباي حين فاجأهم غاز البركان الثائر وهم يوزعون اهتماماتهم ما بين اللذة والمتعة والشهرة والمال والسياسة متناسين كل القيم، متجاهلين أسس مجتمعاتهم من أطباء ومعلمين وأساتذة وحكماء وعقلاء. بل استبدلوهم بـ”نجوم” سرعان ما خبت نجوميتهم الزائفة عند الموجة الأولى من الهجوم الكاسح للفيروس!
5- الفيروس والدين:
رأينا الجميع يصلي صلاته. يتضرع الجميع إلى خالقه؛ بكل اللغات يجأر الناس، يتضرعون ويدعون ويبكون. هذه العودة إلى الله لهي المنقذ أمام العالم الآن.
بكل لغات الدين ومفاهيمه، يخشى البشر الهزيمة والفناء على يد هذا القاتل الصامت.
من كان لله كان الله معه.