قبيل الشروق وبعده

قبيل الشروق:
بصيص ضوء خافت يتسرب عبر مسام الشرفة الخشبية كزائر فضولي.
يفترش سجادا من الصوف مستقبلا قِبلة الصلاة.
يرمق في سكون متأملا زخرف الآية الكريمة “يس”، المعلقة على حائط الغرفة بعناية، وبعض الأشياء المتناثرة كجرحه المغلّف بسرية تامة، ثم إلى حبات سبحته المشعة كنجوم تائهة لتلتقي من جديد.
يتمايل في جلسته كفقيه نِحرير، مستغرقا في ترديد أذكار الصباح، ممزوجة بأنفاسه المتقطعة بعد خشوع.
تتسلل أشعة الشمس كخيوط ملونة، فتبدأ في تشكيل ملامح وجهه المتغضن.
أصبحنا وأصبح الملك لله..
يتمايل في صمت وهدوء، يمرر يده المبللة بدموع الشوق على لحيته الكثة، ثم يمسح بها على صدره.
بُعيد الشروق:
بعض العصافير تفضح حلول الصبح وهي تعيد غسل أجنحتها استعدادا للرحيل.
سبحان الذي خلق…
يردد في دواخله بصعوبة، تتسارع دقات قلبه، تتحشرج أنفاسه.
يرمق الشمس باسمة تلقي بفستانها الأزرق على امتداد المكان.
تتساقط أوراق الخريف على إيقاع المطر.
تُختزل الحياة، تتعطل..
ينكفئ ساجدا.
يبتسم للمرة الأخيرة.