رسالة شوق إلى الجناب الشريف سيدنا رسول الله

باسمك اللهم الرحمن الرحيم، من تجلت أنوار كرمك على القلوب الحيرى فاهتدت إلى جمال عفوك واستأنست ببهاء أنسك واستقت من شراب وصلك كأسا من عسل الشهود مصفى.
أحمدك ربي وقد أزف موعد ذكرى اللقاء بحضرة جلال كرمك والسجود في بهاء قدسية أنوارك.
أحمد إليك ربي أنين جذع الشوق وقد أسكنته يد الوصال.
أحمد إليك ربي اهتزاز حنين العرش وقد هدأت من روعه تباريح الجمال.
اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
وأصلي على حضرة الجناب الشريف لسيدنا رسول الله.
الصلاة والسلام عليك يا من لم تنقطع نفحات حبه عن المحبين، ولم ترتو من رؤيته قلوب المشتاقين، يا من لملمت جراح التائهين، فدللتهم على ربهم بيقين، يا من غرست في قلوبهم معنى الحب لرب العالمين.
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
سيدي يا رسول الله.
الحبيب البهي، الصبوح السني، بهجة الروح ونبراسها، درة تاج الأنوار ومشكاتها، شفيع المذنبين، قرة عين المحبين، وطبيب الواصلين.
يا من ترف لذكره القلوب وتستقي من نوره الأرواح.
ها أنا ذي أبسط بين يدي جمال ودادك قلبا قهره الأنين، وسالت من أوردته نيران تتلظى بالبعد. قلب تقلب بين الحب متقدا، وبين الشوق ملتهبا، وبين الوصل ممتنعا، وبين الرجاء متمسكا، وبين الوقوف على أعتاب الرضا جاثيا ركب الروح إلى الروح.
حضرة جنابك الشريف، سيدي رسول الله.
اسمح لي، سيدي، وأنا المذنبة الفقيرة الغارقة في أوحال النفس والهوى. اسمح لي، سيدي، أن أرفع إلى جنابك الشريف رجائي في نظرة تطفئ لهيب الشوق المتقد بين حنايا الفؤاد والمنسكب عبر دموع العين.
اسمح لي حضرة جنابك الشريف أن تقبل قلبي فراشا تطؤه نعلك الشريفة لعلها تهدأ من الخفق أو تشرب من كأس الوصال.
حدثني حبيبي ومهجة روحي عن رحم آوتك فرأت من العجائب ما رأت فاستنارت وسكنت.
حدثني عن بركة البركة، وثويبة البشارة، وحليمة الأمان، وقبيلة أينعت فيها الثمار وأورقت فيها الأشجار والأغصان.
حدثني عن سيدنا جبريل الحبيب يضمك إليه في غار حراء بأجنحته فيرسلك، لعمري كأني بك أنت من ضممته بأجنحة قلبك الشريف.
حدثني، حضرة جنابك الشريف، عن الإسراء والمعراج، كيف ركبت براق الأشواق، وكيف تفتحت لك الأبواب وتزينت لك الجنان؟
حدثني حضرة جنابك الشريف كيف ماشاك جبريل الحبيب، وكيف اخترقت الحجب عند سدرة المنتهى.
حدثني حضرة جنابك الشريف عن اللقاء الأعظم… عن اللقاء الأكبر… لقاء الحبيب بالحبيب… كيف ناجيته؟ كيف كلمته؟ كيف حمدته؟ وكيف دخلت عليه؟ كيف سلمت؟ وكيف سجدت؟ وماذا سمعت؟ وكيف سمعت؟ كيف تحملت أنوار جلاله وجماله سبحانه؟ الله.. أي قلب هو قلبك الشريف!
أرفع إلى جنابك الشريف رسائل الأشواق من قلوب أحبتك تبلغك لوعتها ولهفتها لرؤياك، قلوب تخفق، ترجو نظرة تروي ظمأ الأرواح وتسكن آلام الشوق.
قلوب تقول لك… سيدي يا رسول الله.
ألم يأن لها الوصل من جنابك الشريف؟
كم أغبط الأرض التي لامست نعلك الشريف.
كم أغبط الآذان التي سمعت صوتك الشريف.
كم أغبط التراب الذي ضم جسدك الشريف.
كم أغبط الهواء الذي تعطر بنفسك الشريف.
كم وددت أن أحكي لقلبك الحاني وجع أمة تكالبت عليها الأمم.
كم وددت أن أحكي، سيدي رسول الله، عن أمنيات بالنصر والتمكين تسكن قلوب رجال لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. رجال رهبان في ليالي محاريب النور، فرسان في النهار.
رجال سكن الشوق قلوبهم فودوا رؤيتك بكل ما أوتوا من قوة.
رباه من ذا يرحم؟ من ذا يطفئ اللهيب؟ إن لم تنزل شآبيب رحمتك.
من ذا يعتق رقبة الوصل من جفاء الهجر.
رباه أيها الحبيب الكريم.
رباه يا من نستمطر كرمه ورحمته.
رباه يا من لا يرجى سواه.
أغث قلوبا عطشى.
اسقنا شراب الوصل وسقيا تحيي الروح.
يا رب بحق كرمك الذي لا يحد.
وبحق كرمك الذي يجاوز حدود الزمان والمكان والقوانين.
إلا تجليت علينا برحمتك ولطفك.
اللهم ارفع عنا غربة الروح وقونا وثبتنا ومدنا بمددك.
بجاه حبيبك محمد صلوات ربي وسلامه عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.