ذ. عبادي يتحدث عن وباء كورونا (2).. التداوي واتباع سبل الوقاية والتوبة الجماعية

استمر فضيلة الأستاذ محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، خلال كلمته في آخر مجلس للنصيحة قبل أن تقرر الجماعة تعليق أنشطتها الجماعية، في طرح بعض السبل للتعامل مع الكوارث التي تصيب البشرية ومنها فيروس “كورونا”.
فبعد الحث على الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وأداء وظيفة العبادة التي من أجلها خلق الإنسان، والتوبة والاستغفار، دعا إلى تغيير حال الأفراد طلبا لتغيير ما أصاب الأمة والبشرية جمعاء، وأورد بعض الأفعال التي من شأنها التخفيف من وطأة المصاب؛ من قبيل: التكافل ورد المظالم والحكم بما أنزل الله تعالى والتداوي لمن أصابه المرض واتباع سبل الوقاية من طرف الجميع.
فكشف الأستاذ عبادي أن “تعاملنا مع هذه الكوارث الطبيعية ومع هذه الأوبئة أرشدنا الله تعالى إليه بأن نتوب إليه وأن نستغفره”. واستحضر صورة مجلية لحقيقة التغيير، موضحا “الناس عادة يخرجون في مناسبات الجفاف لصلاة الاستسقاء، وهذه الصلاة لابد لها من شروط، فعلى الإنسان أن يغير أحواله القلبية والاجتماعية ليغير الله سبحانه وتعالى ما به، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، لا يغير سبحانه وتعالى ما بقوم من عنت وبلاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، فكان المطلوب قبل أن نخرج إلى الساحة لنصلي صلاة الاستسقاء أن نغير أحوالنا”.
ومع هذه الإنابة إلى الله تعالى والعمل على تغيير أحوالنا، يتطلب الموقف أيضا “أن نرد المظالم، وأن نصطلح فيما بيننا، وأن يرحم غنيُّنا فقيرَنا، وأن يحكم أئمتنا بما أنزل الله سبحانه وتعالى..” حسب الأستاذ عبادي.
ودعا الأمين العام للجماعة المرضى إلى التداوي امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (تداوَوا عبادَ اللَّهِ فإنَّ الذي أنزل الداء أنزل الدواء)، كما دعا سائر الناس إلى الأخذ بأسباب الحذر والاحتياط.
وأورد الأستاذ عبادي ما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ”، ليوضح أن سيدنا إبراهيم لم يعز المرض، كما فعل مع الطعام والشراب، إلى الله تعالى، تأدبا معه سبحانه وتبيانا لكون “الإنسان هو الذي بتسبب في الأمراض؛ لا يراعي قواعد الصحة في النظافة والإطعام.. فيجلب على نفسه الأمراض، لا يحافظ على البيئة، يغيرها فتحدث الأوبئة بسبب ما يصنع”.
ونبه إلى أن قوله عليه السلام “فهو يشفين”؛ “توجب أولا التعاطي للأدوية، والوقاية التي تتطلبها مثل هذه الأمراض المنتشرة والمعدية مما هو متداول عند الناس جميعا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي”. وثانيا: الإقرار بأن هذه الأمراض هي قدر من أقدار الله يوجب الرضا وعدم القنوط والخوف، موضحا أن “أقل ما يطلب من المؤمن في التعامل مع هذه الأقدار هو الصبر، وأعلى من الصبر الرضا، وأعلى منهما معا الشكر لله تعالى”. وثالثا: التوبة إلى الله عز وجل توبة جماعية، دون إلقاء اللوم على الآخرين لأن “هذا فيه نوع من تزكية النفس” الذي نهى عنها الله تعالى في قوله “فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى”، “نحتاج إلى توبة جماعية، لا يستثني أحد منا نفسه، ولا يبرؤها “وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي”. وهذه التوبة الجماعية التي يجب أن ننخرط فيها جميعا، وهي رجوع إلى الله تعالى وأداء حقوقه عز وجل والعزم على أن لا يعود الإنسان إلى ما كان يقترف من ذنب”.
واستحضر الأستاذ عبادي قول الله تعالى “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” داعيا إلى الاستنان بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم “حالا ومقالا وسلوكا، فإحياء السنة من أسباب رفع الهلاك عن الأمة والبشرية جميعا”، ولزوم الاستغفار.
وأوصى أعضاء جماعته، وكل الناس، باغتنام الوقت الفارغ، بعد تعليق الجماعة أنشطتها وكذا مؤسسات رسمية كثيرة، بالاجتهاد في حفظ القرآن، ولمّ شمل العائلة، وطلب وجه الله تعالى في انتظار أن يرفع الله عز وجل هذا الوباء.
وسأل، في آخر كلمته، الله سبحانه العفو والعافية والرحمة لنا ولأهالينا ولأمتنا وللبشرية جمعاء، مشددا على ضرورة الدعاء مع عباد الله أجمعين والحرص على تبليغهم دعوة الله سبحانه وتعالى.