ذ. عبادي يتحدث عن وباء كورونا (1).. أول خطوات مواجهته اللجوء إلى الله تعالى

بسط فضيلة الأستاذ محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، في افتتاح آخر مجلس للنصيحة قبل أن تقرر الجماعة تعليق أنشطتها الجماعية، كيفية تعامل المؤمن مع الابتلاءات والأوبئة، ومنها وباء كورونا المستجد، بدءا باللجوء إلى الله تعالى وأداء أمانة العبادة (وهو ما سنتناوله في هذا الجزء) ثم الحث على الأخذ بأسباب الاحتياط المتاحة حفظا للنفس وللآخر (نتناوله إن شاء الله تعالى في حلقات قادمة).
وقدّم الأستاذ عبادي لكلمته بالتذكير بالغاية من خلق الإنسان، وكذا الوظيفة المنوطة به، فقال: “خلق الله سبحانه وتعالى عز وجل الإنسان ليسعده ويكرمه، ولكن اشترط عليه شرطا واحدا وهو أن يقوم بوظيفته؛ التي حددها سبحانه وتعالى في قوله: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ومَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا“.
وزيادة في التوضيح، ساق الأستاذ عبادي مثالا من القرآن الكريم، فـ”لما أُهبط سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام إلى الأرض قال الله سبحانه وتعالى عز وجل قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (طه، 123)؛ لا يشقى معناها سيسعد، ولا يضل عن الطريق ولا يجد عنتا ولا شقاء في هذه الحياة الدنيا”.
ولئن كانت عبادة الله تعالى هي وظيفة الإنسان على وجه الأرض، فـ”لماذا خلق الله عز وجل الكون بما فيه؛ العالم العلوي والسفلي وما بينهما، ما نراه بالعين المجردة وما لا نراه من مخلوقات أخرى؟” يتساءل الأستاذ عبادي، ليجيب أنه سبحانه وتعالى خلق “هذه الخلائق كلها لغاية واحدة وهي خدمة الإنسان؛ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا“، ويخلص إلى أن “كل المخلوقات غايتها أن تخدم الإنسان وتكون طوع يديه”.
وأضاف مستفسرا “فلماذا تنقلب بعض المخلوقات، مما نراه من الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والتصحر والفيضانات وما شاكل ذلك، على الإنسان، وتثور في وجهه والله تعالى أخبرنا أنه خلقها لخدمة الإنسان؟ هذه الأوبئة التي تفتك بآلاف وملايين البشر هي جند من جنود الله، فالأصل في خلقتها أن تكون في خدمة الإنسان، فلماذا تثور في وجهه؟”.
ليجلي أن هذه الكوارث الطبيعية والصحية وغيرها إنما تحيط بالإنسان “عندما يتخلى عن وظيفته، فتغضب لله وتنتقم له، فهي جند من جنود الله، يسخرها سبحانه ليؤدب بها الإنسان ليرجع إلى مولاه، فظاهرها نقمة ولكن في طيها نعمة”.
واسترسل الأستاذ عبادي دالا على باب تربوي يعد من أعظم أبواب مجابهة الكوارث، “فهي من رسائل الله سبحانه وتعالى التي تدعو الإنسان إلى أن يرجع إلى ربه ليسعد دنيا وآخرة”، مستشهدا بقوله تعالى: فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ، وموضحا أنه “إذا تضرع الإنسان رجع إلى حقيقة عبوديته، يستشعر الافتقار والتذلل والمسكنة والاحتياج والاضطرار بين يدي الله سبحانه وتعالى فيعيش معززا مكرما دنيا وأخرى”.
ليعيد التشديد أن “هذه المخلوقات التي يسخرها الله سبحانه وتعالى لإذاية الإنسان، الغاية منها إرجاعه إلى أصله؛ عبادة الله سبحانه وتعالى عز وجل حتى لا يبقى في فرعونيته وطاغوته وجبروته، فينزل إلى الأرض”.
وهذا المعنى الذي وضحه الأمين العام للجماعة هو ما تدل عليه الآية التي افتتح بها المجلس، والتي يقول فيها الله سبحانه وتعالى فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (سورة الأنعام، 42-43).
وبعد الحث على الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وقيام الناس بوظيفة العبودية له عز وجل، انتقل الأستاذ عبادي ليبرز بعضا من السبل العملية لمواجهة هذا المرض، نتناولها في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى.