أمينة البوسعداني: التقارير المحلية والدولية تُجمِع على كارثية وضعية نساء المغرب

أجرى موقع مومنات.نت، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حوارا مع الدكتورة أمينة البوسعداني، عضو المكتب القطري للقطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان وعضو الأمانة العامة لدائرتها السياسية، استطلع فيه مستجدات القضية النسائية على الساحة الوطنية خلال السنة الماضية، ومدى قدرة مشروع الجهوية المتقدمة على تحسين وضعية المرأة القروية وتحقيق الإنصاف المجالي، وكذا قراءة القطاع النسائي للجماعة لوضعية المرأة الحالي، واقتراحاتها بخصوص الإصلاح.. وأمور أخرى تجدونها في الحوار التالي:
تمر سنة أخرى، ونريد أولا أن نعرف مستجدات القضية النسائية في بلدنا على المستوى الرسمي، وهل شهدت السنة المنصرمة مؤشرات للتقدم في مجال معين؟
بداية أشكركم على الاستضافة. وأبارك للمرأة المغربية، وللمرأة العربية والمسلمة ولكل نساء العالم، هذا اليوم الذي اختير كمناسبة سنوية للتذكير بمعاناة المرأة من جهة وبما تمكنت من إنجازه من جهة أخرى، وإن كنت أتمنى أن يأتي هذا اليوم وهي ترفل في أثواب الصحة والعافية وتتنعم بأجواء الكرامة والحرية بعد سنوات طوال من المعاناة والكفاح والنضال.
في الواقع، يتميز المغرب بكونه من الدول التي تتوفر على ترسانة كبيرة من التشريعات والقوانين والمؤسسات والآليات التي يفترض بها السهر على حماية النساء وضمان حقوقهن، من آخر ذلك نذكر ما صودق عليه خلال سنة 2018 من قانون العنف ضد النساء وقانون العمال المنزليين، أو خلال سنة 2019 كتمكين النساء من حقهن من الاستفادة من الأراضي السلالية. لكن السؤال المطروح هو: هل يعد ذلك مؤشرا على تحسن الواقع المعيش للنساء المغربيات؟
لاشك أن الجواب نقرؤه في طيات التقارير الرسمية وغير الرسمية (مثلا؛ استمرار الارتفاع المهول للعنف ضد النساء (أكثر من 50٪)) التي تجمع على كارثية وضعية نساء المغرب للأسف الشديد.
إن وضعية المرأة بالمغرب ما زالت تراوح مكانها إن لم تزدد سوءا على كل الأصعدة، وذلك طبيعي جدا ومنتظر، شأنها في ذلك شأن كل مكونات المجتمع، في بلد تبنى لعقود نموذجا تنمويا فاشلا باعتراف أعلى المسؤولين.
هل من مؤشرات على تحسين وضعية المرأة القروية وتحقيق الإنصاف المجالي في ظل مشروع الجهوية المتقدمة؟
إذا كانت المرأة المغربية عموما تعاني ما تعانيه من ويلات وظلم على كل المستويات، ففي “المغرب غير النافع” خصوصا، وفي العالم القروي بشكل أخص تتضاعف هذه المعاناة مرات ومرات؛ ارتفاع مهول في نسبة الأمية والهدر المدرسي للفتيات، صعوبة الولوج إلى الخدمات الأساسية من تعليم وتطبيب و.. انتشار ظواهر خطيرة من مثل “زواج الكونطرا” واستغلال و”تهريب”الفتيات، هشاشة شديدة، بدت للعيان جلية هذه السنة، على غرار سابقتها، وأدت ثمنها شهيدات ضحايا حوادث أليمة متواترة في كل من أنزا بأكادير، ومولاي بوسلهام، والقنيطرة وتارودانت، توفيت إثرها اثنا عشرة امرأة رحمهن الله تعالى وجرحت العشرات من السيدات، وكان آخر هذه الحوادث وفاة الممرضة رضوى لعلو رحمها الله في حادث النقل الطبي الأخير من آسا الزاك.
كل هذا يتم في غياب أية محاسبة للمسؤولين وضرب على أيدي المفسدين الجشعين، وكأن أرواح هؤلاء النسوة لا تساوي جناح بعوضة. إن هذه الوضعية تجاوزت حدود المغرب لتستمر معاناة المغربيات العاملات في الضيعات الفلاحية الإسبانية في سكوت مريب لمسؤولينا رغم فضح الجمعيات وأجهزة الإعلام الإسبانية لها.
هذه الأمثلة، التي هي غيض من فيض الحوادث المعلن عنها وغير المعلن، هي ما يمكن اعتباره حقا مؤشرا على الواقع المر الذي تعيشه المرأة المغربية.
بحكم انتمائكم للأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان ولقطاعها النسائي، ما هي قراءتكم لوضعية المرأة المغربية؟ أين ترون الخلل؟ وما هي مداخل الإصلاح في نظركم؟
أشير، أولا، إلى أن قضية المرأة تحتل مكانة محورية في المشروع التغييري الذي تقترحه جماعة العدل والإحسان على المغاربة لكنها لا تنفصل عنه. والقطاع النسائي، باعتباره المتصدي للشأن النسائي من داخل الدائرة السياسية للجماعة، يعتبر أن كل ما سبق الحديث عنه من مظاهر ومؤشرات تردي وضع المرأة المغربية ما هي إلا أعراض سطحية لخلل أعمق بكثير هو الاستبداد وقرينه الفساد.
إن الاستحواذ والاستفراد بوضع السياسة العامة للدولة والتي تنبثق منها كل السياسات العمومية، وهي تمس بالتأكيد كل شأن من شؤون المرأة، لن ينتج إلا فشلا بعد فشل. لكن الاعتراف بذلك فقط دون تحديد للمسؤولية وربطها بالمحاسبة لن يخرج بنا من دوامة فشل ثم إصلاح ثم إصلاح الإصلاح…
إن المدخل الأساس في نظرنا هو إحداث قطيعة مع أساليب الاستبداد، وإشاعة مناخ الحرية التي تضمن مشاركة جميع مكونات المجتمع، نساء ورجالا، في محاولة الخروج ببلادنا من عنق الزجاجة.
هل هناك تنسيق معين بينكم وبين مختلف المؤسسات المدنية العاملة في المجال من أجل الدفع في اتجاه تحسين وضعية المرأة؟
طبعا، القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان يعي جيدا أنه ليس المكون الوحيد في الساحة الذي يسعى للأهداف السابق ذكرها، بل هناك مؤسسات مدنية كثيرة، ولله الحمد، ما تزال صامدة وتبذل واسع الجهد، لهذا وإيمانا منا بأن المغرب محتاج لطاقة أبنائه وبناته نسعى جاهدين لمد جسور التواصل والتعاون في المشترك من اهتماماتنا وأهدافنا؛ هناك من يستجيب، وهناك من يحتاج مزيدا من الوقت والطمأنة والتعارف، وفي المقابل، هناك من يتخوف أو تمارس عليه ضغوط لئلا يفعل.
وعلى كل حال، فنحن لا نكل ولا نمل من طرق الأبواب لكننا بالمقابل نعمل ولا نقف مكتوفات الأيدي منتظرات. نسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعا، نساء ورجالا، لما فيه خير بلدنا.