فضيلة ذ. محمد عبادي | الافتقار إلى الله

عرّف الأستاذ محمد عبادي الافتقار “بكونه عملا قلبيا حِسيا، وهو صِفة جامعة للعبودية لله عز وجل. ويتجلى الافتقار لدى العبد في شعوره بالحاجة إلى ربه، وفي شعوره بالضعف والاضطرار، فَيَفِرّ إلى الله خالقه مستغنيا عن كل خلقه، ومتبرئا من حوله وقوته ملبيا نداءه سبحانه ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين“.
وأوضح الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، في كلمة له بمجلس النصيحة ليوم الجمعة 28 جمادى الأولى 1441 الموافق 24 يناير 2020، مكانة هذه الخصلة من الدين، فقال: “لذلك أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء واعتبره مخ العبادة، فالدعاء طلب، والطلب تعبير عن الحاجة، فكلما كان حال الطلب مرفوقا بالاضطرار كانت الإجابة، مصداقا لقوله تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ، أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ، قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (سورة النمل، 62)، وكلما لبس الطلب لبوس الافتقار نال صاحبه بغيته بدليل قوله سبحانه: إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلْفُقَرَآءِ“.
وحذر من ترك هذه الخصلة مشددا على أن “كل عبادة تخلو من الافتقار إلى الله فهي لا تقرب إليه، بل لا تزيد صاحبها إلا اعتدادا وتكبرا. كما أن ترك الدعاء هو استغناء عن الله سبحانه، واكتفاء بالأسباب عن رب الأسباب؛ فالعارف بالله لا يزول اضطراره”.
ولفت الأستاذ عبادي إلى أصل الإنسان الذي يُلزمه دوام الافتقار والخضوع لله تعالى، قائلا “الأصل في الإنسان كما يذكرنا القرآن الكريم هو اللاشيئية، يقول الله تعالى: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا.
وبسط في كلمته التربوية أنواع الناس في تحليهم بهذه الصفة، فـ”حال الافتقار هذا إما نسلكه بمحض إرادتنا فنتعرف على الله الغني المعطي الكريم المنان، أو تضطرنا أقداره للشعور بالضعف والفقر والحاجة، فنتجرد من أحوالنا وقواتنا لندخل في حوله وقوته”.
ودعا الأستاذ عبادي إلى لزوم باب الافتقار في كل الأحوال استمطارا لرحمة الله تعالى، فقال: “إن مقام الافتقار ينير بصيرة المؤمن، فيزدادُ يقينه في ربه أنه كاشف السوء ومبدل الأحوال: أمن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض. وهو افتقار دائم دنيا وآخرة مهما بلغ مقام العبد عند ربه، ومهما كانت أعماله، فهو فقير إلى رحمة الله سبحانه بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: “لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا؛ ولا أنت يا رسول الله: قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته”.