إضاءات في طريق المؤمنات |9| البذل

في الحلقة التاسعة من برنامج “إضاءات في طريق المؤمنات” الذي تبثه قناة بصائر الإلكترونية، تحدثت الإعلامية أميمة حماس عن خصلة البذل بأنواعه، وكيف ترتب عنه قيام الدعوة في مستهلها مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأسيسها وانتشارها، مسترشدة بأم المؤمنين زينب رضي الله تعالى عنها التي عرفت بكثرة بذلها وعطائها. ومستشهدة بكلام للإمام المرشد عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى. هذا نص الحلقة كاملا:
البذل عربون الصدق، ودليل توجه المسلمة إلى الله تعالى، ولذلك جاء تاليا للصدق في الخصال العشر. وقد ترتب عن البذل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الدعوة وتأسيسها وانتشارها، على المستويين الفردي والجماعي، وقدم الصحابة أمثلة خالدة في البذل المالي والبذل النفسي، والبذل في الوقت والجهد، والمشاركة الفعالة في خدمة الإسلام. وكان للصحابيات بالموازاة مع شقائقهن الرجال هذا الدور الجليل في البذل كل من موقعها وحسب ظروفها، فلم تبخل الواحدة منهن بوقتها ولا بمالها ولا بجهدها كلما دعت الضرورة الشرعية إلى ذلك، وفي كل الأحيان والأوقات.
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله: “تشكر ربها على نعمه أن هداها للإيمان، فتتفجر ينابيع الخير في قلبها، تترجم الشكر والخير عطاء من مالها وحنانها ووقتها واهتمامها ووقوفها بجانب اليتيم، والمسكين، والمقهور”.
ولنا معاشر المؤمنات في أم المؤمنين زينب رضي الله عنها في خصلة البذل خير مثال، فقد أخرج ابن سعد عن برزة بنت رافع قالت: لمّا خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جَحْش بالذي لها، فلمّا أُدخل عليها قالت: غَفَرَ الله لعمر، غيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني، قالوا: هذا كلّه لك، قالت: سبحان الله! واستترت منه بثوب وقالت: صُبّوه واطرحوا عليه ثوبًا، ثمّ قالت لي: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان، وبني فلان، من أهل رَحِمها وأيتامها، حتى بقيت بقيّة تحت الثوب، فقالت لها برزة بنت رافع: غَفَرَ الله لكِ يا أمّ المؤمنين! والله لقد كان لنا في هذا حقّ، فقالت: فلكم ما تحت الثوب، فوجدنا تحته خمسةً وثمانين درهًما، ثمّ رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهمّ لا يدركني عَطاء لعمر بعد عامي هذا، فماتت.