المرأة… بعيون نبوية

بقلم: عزيزة خرصاني
اصطفى الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ليكون لنا وللبشرية جمعاء خير منارة وأَجَلَّ معلم، نهتدي بهديه في كل شأننا، لهذا يتوجب علينا أن نحيي سنته ونحذو حذوه في تعامله مع المرأة وتعظيمه لها، في مجتمع يراد للمرأة فيه أن تعود إلى التهميش والدونية، وأن يُجعل منها مجرد سلعة وبضاعة، مجتمع يتجاهل دور المرأة في التنوير والتغيير.
لهذا توجب أن نقتفي أثر الحبيب في تعظيمه صلى الله عليه وعلى آله وسلم المرأة على مستويات عدة:
تعظيمه للمرأة أُمّا
نبي العدل والرحمة أنزل الأم منزلة عظيمة، حيث جعلها أحق الناس بالصحبة، وألزمنا إلزاما البر بها والإحسان إليها، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك” (1).
ومن عِظَم مكانة الأم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل برها وطلب وصلها ورضاها ورعايتها ولزوم قدميها يعدل أجر الغزو والجهاد.
تعظيمه للمرأة خالة
عن ابن عمر أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ قال: “هل لك من أم؟” قال: لا، قال: “هل لك من خالة؟” قال: نعم، قال: فَبِرَّها” (2).
فدَلَّ ذلك على أن بر الخالة والإحسان إليها بمنزلة الإحسان إلى الأم وبرها.
تعظيمه للمرأة ابنة
حبّ النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة الزهراء لم يكن أبدا كحب أي أب لابنته فقط، بل مُزج بالتعظيم والفناء فيها، حتى لَأنَّه يفتديها بنفسه، وصرح بذلك في أكثر من مناسبة بقوله “فداها أبوها” (3).
هذه السيدة الكاملة قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم “فاطمة بضعة مني، من أغضبها فقد أغضبني” (4)، وقال أيضا: “يرضى الله لرضا فاطمة ويغضب لغضبها” (4).
حب ظاهر تنقشع معه غيوم السماء عندما نادته: يا رسول الله، فرد عليها قائلا: “قولي: يا أبت، فإنها أحيى للقلب وأرضى للرب” (5).
تعظيمه للمرأة زوجا
أحسن النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة زوجا من خلال وضع ضوابط لاختيار الزوج الأمثل لها، وجعل حسن معاملتها شرطا لا مناص منه في الزواج، من خلال قوله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” (6)، و“سُئلت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله – أي خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة” (7).
هذه الصورة لخصت لنا معالم حياته الزوجية من خلال معرفته بالبيت ولوازمه وحاجة أهله.
هذا نبينا صلى الله عليه وسلم أوصى بنا خيرا؛ أمهات وخالات وبنات وزوجات، ولعظم الأمر جعله ضمن وصاياه “إن الله يوصيكم بالنساء خيرا، إن الله يوصيكم بالنساء خيرا، فإنهن أمهاتكم وبناتكم وخالاتكم، إن الرجل من أهل الكتاب يتزوج المرأة وما يعلق يداها الخيط (8) فما يرغب واحد منهما عن صاحبه حتى يموتا هرما” (9).
(1) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة (8/2) برقم (5971).
(2) رواه الترمذي (1904)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2504).
(3) إشارة إلى حديث سوار الذهب، ذكر في الأمالي بإسناد معتبر عن محمد بن قيس.
(4) الحديث بهذه الألفاظ ورد عن أكثر من خمسين من رجال الحديث والسنن من الفريقين كالبخاري وسنن أحمد والكافي والبحار.
(5) عندما نزل قول الله عز وجل “لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا” سورة النور، الآية 63 .
(6) أخرجه الترمذي (3895) واللفظ له، والدارمي (2260)، حديث غريب صحيح.
(7) أخرجه البخاري عن الأسود.
(8) كناية عن صغر سنها وفقرها.
(9) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في زوائد الهيثمي (495/549/1)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (64/101).