أسس عقاب الأبناء ووسائله مع الباحث في علم الاجتماع التربوي منير الجوري

أكد الأستاذ منير الجوري، المستشار التربوي والباحث في علم الاجتماع التربوي، أن العقاب “أنواع متعددة ودرجات، وله أسس ووسائل”، في تدوينة أجاب فيها عن سؤال تقدم به أحد الآباء عن فعالية العقاب بالضرب، قائلا: “أحيانا أختار ألا أعاقب أبنائي الصغار بالضرب، لكن عندما آمرهم بشيء لا يعيرونني أي اهتمام”.
وبسط الجوري أسس العقاب في تدوينة على صفحته الخاصة بفيسبوك، حيث اختار أن يجيب على السؤال حرصا على تعميم الاستفادة في موضوع يؤرق عددا كبيرا من الآباء، على اعتبار أن هذه الخطوة هي أول ما يصدر عنهم حال غضبهم تجاه عمل “غير لائق” يصدر من أبنائهم، فأوضح أنه على الأب “أولا- أن يدرك الهدف من العقاب ويقيّم حجم المخالفة التي سيتم بسببها معاقبة الطفل.
ثانيا- ألا يتم هذا العقاب، مطلقا مطلقا مطلقا، تحت تأثير قرار متسرع أو لحظة غضب حين يفقد الأب أعصابه، لأنه في هذه الحالة ترتفع نسبة الخطأ في درجة أو نوع العقاب، وقد يتحول من أداة للتربية إلى وسيلة لتنفيس غضب الأب وتوتره الشخصي البعيد حتى عن مخالفة الطفل دون أن يدرك ذلك.
ثالثا- ينبغي أن يُخبِرَ الطفل بخطئه، ويُفهمه درجة الخطأ ونوع العقاب”. ولفت بخصوص النقطة الأخيرة إلى كون “بعض الآباء يطلبون/يتفاوضون مع الطفل ليختار العقاب الذي يريد”، مشددا أن “هذا أسلوب خاص لا يمكن تعميمه”.
وأرشد الباحث في علم الاجتماع التربوي الآباء إلى بعض وسائل العقاب، جاعلا الضرب آخرها على اعتبار أنها أخطرها وأكثرها حساسية، فعد الوسائل كما يلي:
“أولا- الحرمان؛ وذلك بمنع الطفل من شيء يحبه ويرغب فيه بشدة، ولمدة زمنية تناسب حجم الخطأ.
ثانيا- الترغيب في الاستفادة من شيء لا يملكه لكنه يرغب في تملكه أو الحصول عليه، كزيارة مكان ما أو شراء شيء ما شريطة عدم السقوط في الخطأ.
ثالثا- الكلام الحازم الخالي من الإهانة، يكون جديا ويحمل قوة بما يترك لدى الصغير فكرة أن هناك حدود لا يمكن تجاوزها، علما أن هذه الحدود يجب أن يكون فيها متسع كبير.
رابعا- علاقة الحب، ليس التدليل المفرط، لكن ذلك الحب الذي يعني القرب والفهم والتفهم والحضور دون سيطرة، والدعم والمساعدة على صعوبات الحياة وتحقيق الأهداف. لماذا الحب؟؟ لأن الطفل يخاف من فقدانه بسبب خطأ ما، فيحرص عليه بالامتثال للتوجيهات، خاصة إذا استعمل ذلك ضده وجربه.
خامسا- التكليف بأداء مهام لا يحبها أو ليست من وظيفته.
سادسا- الضرب، ويعتبر من أبسط الوسائل وأسرعها لذلك يلجأ إليه الآباء دون تفكير، لكنه من أخطر الوسائل وأكثرها حساسية، وتحتاج إلى شروط لتتحول إلى أداة تربية وليس شيئا آخر”.
وقيد الجوري العقاب بالضرب بشروط قمينة ألا تحيد به عن أداء وظيفته التربوية، هي:
“أولا- أنا أعتقد أن ضرب طفل أقل من خمس سنين خطأ كبير، لأن طبيعة الطفل وسنه ومداركه النفسية والاجتماعية لا تستوعب ذلك. كما أن الطفولة المبكرة أحوج للعاطفة وليس للقسوة.
ثانيا- لا ينبغي أن يكون الضرب مبرحا أو مما يترك أثرا أو ضررا.
ثالثا- أن يستعمل في فترات متباعدة جدا، عند الحاجة، وليس صباح مساء أو بشكل يومي، لأنه إذا أصبح اللجوء إليه كثيرا دون فائدة، ينبغي أن نفهم أنه يجب البحث في علاج المشكل بطرق أخرى، وغالبا ما يكون الإشكال هنا أكبر من مجرد سلوك يحتاج إلى تعديل. فيصبح ضرر الضرب أكثر من نفعه”.