مساعف: شعار الدورة 23 لـ”مقدس” صياغة جديدة متجددة لمعاني العدل والإحسان

افتتحت الدورة الثالثة والعشرون للمجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، يومي السبت والأحد 20 – 21 صفر الخير 1441هـ الموافق لـ19 – 20 أكتوبر 2019م، بكلمة لرئيس الدورة وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية الأستاذ أبو الشتاء مساعف، أورد فيها قراءة للشعار الذي رفعه المجلس في هذه الدورة؛ “من أجل تغيير يصون الهوية ويحقق العدل والكرامة والحرية”، ننشره تعميما للفائدة.
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه
كلمة في الشعار
تنعقد هذه الدورة في مطلع السنة الأخيرة من الولاية الحالية لعمل الدائرة السياسية، نسأله تعالى أن يمن علينا فيها من الخيرات والفتوحات بما يثلج صدورنا، مما يجعلها فرصة لتثمين المنجزات ولتدارك ما شاب من ضعف أو قصور. وتأتي هذه الدورة في سياق محلي يتسم بارتفاع حدة التضييق الذي تعيشه الجماعة، والهجوم المخزني عليها والذي تجلى في جملة الإعفاءات التعسفية والتشميع والاعتقال والتشويه الإعلامي. وذلك قصد استنزاف قوتنا، وعزلنا عن المجتمع، وصد الناس عن دعوتنا، واستفزازنا لنتخلى عن مبادئنا، واستدراجنا لردود الفعل، وأنى له ذلك. فبفضل الله تعالى لم يزدنا هذا التضييق، رغم اتساع دائرته وطول مدته وتنوع أشكاله، إلا يقينا في موعود الله عز وجل، ومضيا على دربنا اللاحب القائم على الوضوح والمسؤولية، ولم يزدنا كذلك إلا تواصلا مع محيطنا داخليا وخارجيا، وكسبا لمزيد من المواقع في مسيرتنا التدافعية السلمية المدنية المنافحة عن حرية وكرامة شعبنا وأمتنا.
لقد اخترنا في هذه الدورة الثالثة والعشرين للمجلس القطري للدائرة السياسية شعار: “من أجل تغيير يصون الهوية ويحقق العدل والكرامة والحرية”، شعار يلخص ما نطرحه وما نقترحه من سبل لإحداث التغيير المنشود، فالشعار يحمل هدفا صريحا، ووصفا يحدد للهدف مضمونا؛ أما الهدف فهو تغيير الواقع السياسي من الاستبداد إلى الشورى والديمقراطية، ومن الفساد إلى الأمانة والحكامة الجيدة والمسؤولة، ومن الظلم إلى العدل والإنصاف، ومن التخلف إلى التقدم والتنمية، من خلال انجماع شرفاء الوطن وأحراره في تكتل وجبهة تروم تجاوز حالة العبث التي يعيشها المغرب، ينظم عملهم وخطتهم وحركتهم وتمايزهم ميثاق وطني جامع، يحدد الأولويات ويعرض الآليات ويتبين الطريق والمسار والمصير، عبر المنهج الراسخ الذي نسلكه صعدا إلى التغيير، والذي يجمع بين الكلمة القوية المسؤولة للمتسببين في واقعنا المتكلس، واليد الحانية الممدودة إلى الأغيار، والثبات الراسخ في ميدان التدافع وفي بناء الموقف السياسي الجامع، والسلمية التي باتت عنوانا لنا يميز عملنا وفعلنا ووجودنا، والانحياز إلى المطالب الشعبية العادلة، والدفاع عن هوية الشعب.
بيننا وبين التغيير المنشود فعل وزمن، وقدر المولى عز وجل حين يريد. وفي هذه المساحة من الزمن، نواصل سيرنا الصاعد نحو هذا التغيير الموعود عبر المنهج الراسخ الذي سطرنا، والآلية الأساس التي نروم، والبنية الصلبة التي نستهدف.
أما الوصف المحدّد، فالتغيير الذي نروم ليس تبديل بناء ببناء ونظام بنظام، بل يُغيّر الحال بالحال. واقع جديد له محددات وسمات تعطيه المعنى الذي نريد. الهم مشترك هو تغيير الإنسان باعتباره محور التغيير الشامل، هو بناء شخصية متوازنة تربية وتأهيلا وتكوينا، إرادتها جامعة بانية فاعلة، تقوم بوظيفتها كما كلفها الله عز وجل، هو حمل البشارة وتبليغ سنة الحبيب المصطفى للأمة جمعاء، من خلال سمتين أساسيتين حاسمتين:
– تغيير يصون الهوية: يحفظ للأمة هويتها ضد هجمات التغريب والتمييع والتدجين والتخريب القيمي والاستلاب الأخلاقي، يحترمها ويعتز بها ويدافع عن مبادئها العامة وكلياتها الجامعة. هويتنا التي تشكلت عبر السنين، وانصهرت فيها الأعراف والثقافات والتقاليد والأفهام والبحث عن الأفضل للعيش الجماعي الآمن، واتخذ الإسلام في بناء هذه الهوية الجامعة موقع الصدارة صياغةً للقيم وبناءً للشخصية المغربية وتوجيها للحياة العامة والخاصة… هذه الهوية عنصر أساس وحاسم في تلمس طبيعة التغيير الذي نريد.
ولأننا ندرك أننا لا نصوغ تغييرا أحاديا نكون فيه وحدنا الفاعل والمحدد، بل جماعيا يضم غيرنا، فإننا مقتنعون بأن الهوية الإسلامية التي نعتز بها، وطبيعة فهمنا لتعاليمها ومقاصدها وجوهرها، لا يمكنها إلا أن تكون جامعا ومشتركا وتحترم الخصوصيات الدينية والثقافية والإيديولوجية للآخر.
– تغيير يحقق العدل والكرامة والحرية: هو الشعار الأبرز الذي تطلبه الأمة اليوم، في ربيعها المنبعثة موجاته منذ 2011، وفي آهات المحرومين والمكلومين، وفي تطلعات الشباب اليائسين، وفي مطالب الفئات العريضة من هذه الأمة.
• عدل تستقر عليه السلطة، ويبنى في ضوئه الاقتصاد، وتتوزع في حماه الثروة.
• وكرامة تصون آدمية الإنسان، حين يجد العمل المحترم ويضمن العيش الكريم.
• وحرية تمنح للإنسان معنى حياته وتضمن للناس أن يقولوا ويفعلوا ويتملكوا ويعارضوا وينتقدوا، حرية مسؤولة.
التغيير الذي ننشده إذا يروم صيانة هوية المغاربة الجامعة، في زمن تسحق فيه العولمة ثقافات المجتمعات بخلفيات استهلاكية تنميطية، ويهدف تحقيق العدل والكرامة والحرية، في سياق تستبد فيه السلطوية وتتغول فيه القبضة الأمنية الباطشة ضدا على حاجات الناس ومطالب الديمقراطية.
إن في الشعار صياغة جديدة متجددة لمعاني العدل والإحسان، بنفس يستحضر مستجدات اللحظة، ناظرا بعيني الحقيقة والشريعة لمستقبل واعد مشرق أمضاه من نصر عبده، وأعز جنده، ولا إله إلا هو وحده.
والحمد لله رب العالمين.