لالة خديجة..الموعد الله

تحل اليوم ذكرى رحيل الجسد الطيب عن أرض الابتلاء والجهاد، جسد التقية الخفية النقية بإذن الله عز وجل، بما بذلت وآوت وصابرت وصمدت في برجها الاستراتيجي مشعة منه وعبره على الأمة، في حصن المدافعة عن الدعوة وحمل أعبائها، كيف وبيتها قبلة من حج للحضور وحضن دافئ لمن طرقه السؤال المحير والهم المقلق فدق باب “الدار الكبيرة”، وهي الصابرة على طرق من نوع آخر، طرق مستفز مضايق…لالة خديجة لم ترض الجلوس في أعالي برجها بل سرت روحها وهمتها، فحرصت على غلق نوافذ الشقاق برحمة من الله لانت لها، فكل من فتحت له بهرته بطيبتها وسمتها المغلفين ببساطة عجيبة، هي لالة خديجةالمالكي .وإن نسيت فلست أنسى زيارتي الأولى لمنزل الإمام رحمه الله وكانت الحبيبة لالة خديجة سببا لألتقي به وجها لوجه، رحمهما الله ورحم جيل التأسيس والإخوة والأخوات السابقين.
معنى الوفاء ومبنى الصحبة الحق تجلى في هذه المؤمنة الورعة، وليست الكلمات لتسعف قلبا مشتاقا حسبه من التذكار شحذ الهمة والنظر في مثال عشنا في حضنه ورعايته وتحرك على أنظارنا ليقيم الله عز وجل الحجة على كل مؤمنة نقصت همتها لسبب من الأسباب وقفت عندها. إذن هي صحبة فتيلتها المحبة واستمرارها دوام الحضور قلبا وقالبا، فهذه الروح لم تغب رغم مرور سنوات ثلاث الآن على الفراق، لازلنا نتنسم مرورها بيننا، نستحضر عطفها القريب وسمتها العجيب، تعلمنا هذه الروح السابقة الى دار البقاء أن الأثر والبصمة والحضور هو بالصدق، فلالة خديجة رحمها الله كانت قليلة الكلام كثيرة العمل محسنة فيما تصنع، خطواتها خفيفة كنسمة مباركة لا جلبة فيها، وكذلك سمت أهل الجنان في هدوئهم ورسوخهم ويقينهم وصبرهم، فلا عجب ممن نظر الله إليها أن يرفعها مكانا عليا، كيف لا تكون لالة خديجة كذلك وقد وافق اسمها وسمتها أمنا خديجة رضي الله عنها وهي موفقة ربانية نتذكرهما معا، ثم إنها رحمها الله عز وجل زوج الامام المربي والطبيب الحبيب والزوج الذي كملت فيه صفات البر والمودة والنصح والرفق بشهادة أسرته وأحبابه، وهو تجل عشناه لمعنى الآية الكريمة التي يقول فيها عز وجل: الطيبون للطيبات.
لالة خديجة..لعمري ما تفيد كلماتي العاجزة عن الارتقاء لبريق عينيك الهادئتين؟! وما عساني أكتب من عبارات الشوق المكنون والمبثوث بين السطور الحائرات، نحبك سيدتي وكفى.. والمرء مع من أحب قالها صلى الله عليه وسلم، رحمك الله ورحمنا بصحبتكم المباركة والثبات على ذلك، أرواح سابقة مع أرواح باقية على أرض الدعوة نتشامها إلى أن تصعد الروح، وعلى الوفاء والثبات بإذن الله عز وجل موكب يلحق آخر.