أجواء نورانية طبعت فعاليات اليوم الأول لذكرى الوفاء السادسة

في أجواء تملؤها السكينة والرحمة، افتتحت فعاليات الذكرى السادسة لرحيل الإمام المجدد رحمه الله وذلك يومي السبت والأحد 08-07 ربيع الثاني الموافق ل16-15 دجنبر 2018، بختمة قرآنية مهداة للإمام رحمه الله، لتعقبها مباشرة الكلمة الافتتاحية التي ألقاها عضو مجلس الإرشاد الأستاذ أبو بكر بن الصديق والتي ذكر من خلالها أن اختيار الجماعة افتتاح إحياء هذه الذكرى السادسة بمجلس نصيحة إنما هو وقفة مع الذات ومساءلتها أين هي مما تركها عليه الإمام بعد ست سنوات من رحيله. ثم قرأ فقرات من رسالة النصيحة للإمام والتي يرى أن: “حُقَّ لها أن تكتب بماء الذهب وأن تحفظ عن ظهر قلب، الرسالة التي نُعيد قراءتها عند بداية كل موسم دعوي، فلا نمل من سماعها، وتتجدد مع كل قراءة معانيها، كما تغمُر قلوبَنا أنوار حب الله والتشوف إلى الظفر برضاه والترقي في درجات القرب منه“.
استعرض بعدها فقرات برنامج نصيحة الوفاء على ضوء قوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.
وقد استهل الفقرة الثانية د. محماد رفيع، الأستاذ الباحث في مقاصد الشريعة، بالحديث عن الحدث العظيم الوارد في سورة الأحزاب حيث اعتبره حدثا عظيما، لينتقل للحديث عن قضية الصحبة التي “ذكرها الله في سياق الجهاد، الابتلاء، الثبات كما أثبتت السورة من خلال ماجريات الأحداث في غزوة الخندق، فالسياق الذي ورد قبل هذه الآية تماما هو سياق يتحدث عن النفاق وهو معوق من معوقات البناء، الأمان والسلامة في المجتمع“.
ثم جاءت هذه الآية لتحدثنا عن معاني الصدق المتفرع عن معاني الصحبة فالجملة الأولى في الآية لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة في هذا الجزء من الآية يقول د. رفيع: “أصل في الصحبة أن رسول الله قدوة حسنة إنما هو تشريع وتكليف للمومنين أن يلتزموا بالاقتداء به..ومخاطبة للأمة انتهاء“.هذه الصحبة إذا ما ربطناها بسياقها الجهادي نجد أن رسول الله جسدها مواقف ثابتة على الأرض، في غزوة الخندق.
ليخلص في الأخير أن “المعاني وردت مجتمعة في هذه الآية تعلمنا أن معاني: الصحبة، الذكر والصدق ثلاثية متلازمة لا تنفك بعضها عن بعض، ولا تنفك عن معاني الجهاد كما أكدتها السورة وأكدتها هذه المعاني“.
في الفقرة الثالثة المخصصة لقراءة في كتاب الإحسان للإمام المرشد رحمه الله تعالى، تطرق الأستاذ عبد الرحيم رقي، المحاضر في الشأن التربوي، لموضوع “المنزلة العظمى ”من الإحسان.
استهل الإمام المجدد هذه الفقرة من الفصل الخامس بقوله أنه “لا بد لطالب الحق من علم مسبق بما هو الحق”، مذكرا بما في الفصل الأول من هذا الكتاب من صور حياة علماءَ أكابرَ “جاءوا بعد تحصيل العلم النظري يطلبون معرفة الله والطريق إليها عند الصالحين”. ويذكر أنه ذكّر في الفصل الثاني “بالنداء الموجه إلى الفطرة البشرية، يدعو الله عز وجل الإنسان لاقتحام العقبة”. وذكّر بما جاء في الفصل الثالث من شرط السلوك “وهو صحبة المُسَلِّك“. وفي الفصل الرابع الشرط الثالث وهو “الذكر والأوراد ومجالس الإيمان”. ويشير ذ. رقي إلى قول الإمام المرشد حين قال “هذا العلم المسبق بالتاريخ وبالشروط “الموضوعية” أدعى أن يُدخل في رُوح السائل عن الحق، ذي الإلمام بدينه تَتعاوَرُهُ نيات الإقدام والإحجام، اهتماما جديدا وهما سديدا وحرصا بعد ذلك شديدا بمصيره وحظه من الله ومنزلته عنده”.
ويضيف من جهته أن الإمام يمسك بيد طالب الحق يوجهه تارة بخطاب قوي حتى يصل إلى أن يقول له: “حتى دولة الإسلام إن نصرتها في غفلة عن الله هي دنيا في حقك”، كما وصفها الله سبحانه وتعالى، بل أكثر من ذلك يقول له: “يقال لك يوم يكلل هام الأمة بتاج الخلافة قم قد استوفيت حقك ونلت ما كتب لك وأُعطيت سؤلك، لم تطلب الله يوما ومن فاته الله فاته كل شيء”.
وختم رقي بكلام للإمام حيث قال: “ويحك! أنت ما فتحت الباب بينك وبينه تذكره وتناجيه، بل فتحت باب الخلق، وتِهت في دراسة “الكون الكبير”، وتعمقت في “فقه الواقع”، ونسيت الله. ونسيت سنة الله. لا جَرَمَ تحصل على ما هاجرت إليه. لا جرم تلتحق بالمناضلين من كل صنف وإن رفعت شعارات الإسلام. لم تلتحق بأحبائه. ما سمعت عنهم خبرا. ما عاهدته، ما وفيت، ما صدقت. كيف لك بالصدق إن لم تكن مع الصادقين!”.
وقد تم فتح باب المداخلات التي ساهمت في إغناء المجلس.
ليختم بكلمة توجيهية للأمين العام لجماعة العدل والإحسان، الأستاذ محمد عبادي، الذي أكد على وجوب التفريق بين أمرين؛ أولهما: ماذا يريد الله مني؟ وثانيهما: ماذا يريد الله بي؟ موضحا أنه لا يجب الاهتمام بالسؤال الأول فهو أمر راجع إلى الله تعالى، وإنما يجب التهمم بالمراد مني أنا، “في هذا الظرف والمكان والحال، فألتزم بالحكم الشرعي”. ليختتم كلمته بذكر مقتضيات العبودية وذلك بأن نتصف بصفاتها المناقضة لصفات الربوبية، فعلى طالب وجه الله أن ينسب لنفسه صفات الفقر والحاجة والانكسار …
والمعول عليه هو بذل الجهد مع إخلاص النية والتجرد من الحول والقوة حتى ألتزم بالعبودية لله حتى لا ندعي صفة من صفات الله عز وجل القائل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُفإذا اتصف الإنسان بصفات العبودية لله اصطفاه الله تعالى وقربه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من تواضع لله رفعه.