د.بو عشرين: أهمية تبني نظرة سياسية شاملة في الحراكات الاجتماعية، والضرورة الوجودية بين مختلف الفرقاء

تقدم الدكتور أحمد بوعشرين الأنصاري في مستهل مداخلته بشكر العدل والإحسان على الدعوة وعلى هذا التقليد السنوي، الذي يعتبر “مناسبة لمد اليد للحوار مع كل المعنيين بالتغيير”، طالبا إياها “ألا تيأس أو تتوقف عن هذه المبادرة المهمة”؛ تطرق بعدها للحديث عن الحراكات الاجتماعية الفئوية التي عرفها المغرب منذ سنة 2011 ، والتي “تفتل في حبل استمرار نَفَس 20 فبراير وتحطيم جدار الخوف مع استمرار المكاسب النضالية الجوهرية من أجل تحرر الشارع”.
وأوضح د. بوعشرين أن قوة هذه الحراكات كان لها “دور كبير جدا في إثارة القضايا وترتيب الأولويات أكبر مما تقوم به المؤسسات الرسمية للدولة”، كما طرح أسئلة نقدية لآفاق هذه الحراكات و“قدرتها على الإسهام في تحقيق التغيير وتشكيل تحول ديموقراطي في علاقتها بكل الفاعلين والمعنيين دون تشتت، مع الاستفادة من كل التجارب في بقية البلدان التي عرفت تجارب مماثلة”.
منتقلا بحديثه عن عينات لتجارب ناجحة في الانتقال الديمقراطي في صنفين؛ أحدها تجارب نحت منحى إحداث تغيير في النظام القائم كما الحال في إسبانيا والأرجنتين، وجنوب إفريقيا، والصنف الآخر نحى منحى تغيير النظام كما وقع في الشيلي وتونس، وأندونيسيا.
ودون إغفال دروس المستوحاة من هذه التجارب التي تحدث عنها؛ أبرز د. الأنصاري أن “الحراك الشعبي لا يمكن نجاحه بدون دعم سياسي واضح من القوى التي لها مصلحة في التغيير”، مع حتمية التكتل بين هذه القوى “لتشكيل معارضة قوية مخاطبة للنظام، إلا إذا جاءت مبادرة الإصلاح الذاتية للنظام تشترط إرادة سياسية واضحة لتحقيق الإصلاح، مشدّدا ألّا بديل عن تغيير سلمي نابذ للعنف، والتفكير في بديل يجيب عن الأسئلة العالقة تفاديا لأي سيناريو قد يكون مرعبا وتفاديا لأي تناقضات”.
تحدث أيضا د. بوعشرين عن دور القوى المعنية بالإصلاح المنشود في المغرب، التي وصفها ب“المتشتت والمتناثر”، والتي يمنع “وضعها النرجسي من أي تقارب”، مع أخذها “لوضعية الدفاع بدل الهجوم، واكتفائها بالتضامن بدل الانخراط الفعلي، خصوصا بعد الوضع المتأزم في البلاد على كل المستويات، الاجتماعية والسياسية والحقوقية والتنموية، في ظل نظام هجين يميل إلى الأنظمة التسلطية”.
ليختم مداخلته بخلاصات تقويمية أكد من خلالها “أهمية تبني نظرة سياسية شاملة في الحراكات الاجتماعية، وكذا الضرورة الوجودية بين مختلف الفرقاء”، مضيفا أننا “بحاجة إلى هيئة وطنية للوساطة من أجل التقارب بين القوى الممانعة تضم رموز وفضلاء”، كما من الضروري أن “يفتح النقاش حول قضايا بعينها وإزالة مناطق الغموض في وجهة نظر كل ذي رأي ومشروع؛ كالنظام الدستوري والسياسي المنشودين، والحريات الفردية والعامة، والديمقراطية الداخلية في اتجاه تحويل الشأن الداخلي ليصبح شأنا عاما، وكذا مسار الإصلاح المنشود داخل النسق أم من خارجه”.