إلى من فاتته جوائز الفطر: أبشر… فقد جاءتك العشر

إلى من استقل عمله في رمضان، وتأسف أن لم يكن صومه، كما تمنى، إيمانا واحتسابا ينال به ما لا عين رأت ولا أذن سمعت خير عميم من مجز كريم…
إلى من بقيت غصة في حلقه أن لم يكن من السباقين إلى صيام الست من شوال، والعمل لنيل فضلها العظيم وثوابها الثر الجزيل…
إلى من حز في نفسه ألا يكون في هذه الأيام ضيفا على الرحيم الرحمن: يحج البيت الشريف، ويتنسم عبق البقاع الطاهرة، ويعلن بين يدي الودود المجيد محبته الخالصة وتوبته الصادقة…
إلى كل مقصر فتنته “الشواغل” عن السعي لطلب رضا العزيز الغفار، ففاتته الجمع والجماعات، وتغيب عن مواسم الخير والطاعات، وأضاع من عمره أثمن الأوقات… ولكنه الآن قد تنبه وألم بقلبه الحزن النفيس، فاغتم أن يكون من المفرطين الذين يستهترون بأغلى النعم. وها هو قد قرر أن يعيد ترتيب كل الحسابات، ويتسابق إلى مغفرة من ربه وجنة عرضها الأرض والسموات…
إلى كل ضعيف أقعدته الظروف والابتلاءات عن التعلق ببلوغ أعلى الرتب والمقامات، ففاضت عيناه من الدمع أن منعته الأعذار من مرافقة الأقوياء الأبرار على درب الجهاد الأكبر، طريق مجاهدة النفس والشكر والبذل والذكر والصبر…
ولكنه لا يزال على العهد محسن بالله تعالى الظن، عاقد العزم على ألا يدخر وسعا في سبيل الكينونة مع الذين آمنوا، واللحاق بموكب المحسنين الأخيار…
إلى كل مجد غالب الهوى فغلبه، ووفقه الله المولى إلى الاستهانة بكل المثبطات والاجتهاد في فعل ما ينفعه من الصالحات. ولكنه يعي أن لا مأمن لابن آدم قط من الغفلات، فهو من الغرور يحاذر، ويعلم أن القناعة من الله حرمان وحاجب: فهو لا ينفك يروم أن يرقى تلك الدرجات، ولا تزال له عند مالك الملك الرزاق الوهاب حاجات وحاجات…
إلى هؤلاء جميعا،
أن أبشروا، فقد جعل الله سبحانه وتعالى لنا مخرجا بأن عقد للخير مواسم متتاليات هي فرص كثيرة ومتعددة معروضة بين أيدينا نعد لمستقبلنا في الدار الآخرة، ونستزيد من الخيرات. وكذا فقد شرع لنا ألوانا من العبادات مختلفات، إذ جعل شعب الإيمان تربو على السبعين علنا نجعل من جميعها سلالم نصعد عليها لنحصل المجموع وننال الفوز، كل بحسب طاقته، فتكون لنا مكارم وقربات…
ومن مناسبات البر هذه: العشر أيام الأولى من شهر ذي الحجة المحرم التي أكرمنا المعطي المنان ببلوغها أياما مباركة أقسم بها في كتابه، واصطفاها موعدا لزيارته، وجعلها من أنفس ساعات العمر: يفوق العمل فيها الجهاد في سبيل الله إلا من خرج بنفسه وماله وخاطَر…فلم يعد من ذلك كله بشيء…فلنعظم النيات، ولنوقظ الهمم، ولنجتهد في إحيائها صياما وقياما وذكرا وصدقة وصلة للأرحام… فإنما هي دقائق معدودات، وإنما هي أعمارنا تتصرم في أقصر اللحظات، وإنما هو تمام نعماء منه سبحانه وتعالى أن أكرمنا بشهود مثل هذه المحطات…
والله تعالى العلي القدير نسأل أن يوفقنا لنغنم من فضائل هذه العشر المبروكات، ويجعلنا بكرمه من عتقاء يوم عرفات، ويبلغنا وكل أحبتنا العيد السعيد على أحسن الحالات، وأن يحفظ الإسلام والمسلمين ويقيلهم بعنايته سوء العثرات… آمين إنه سبحانه عز وجل السميع، مجيب الدعوات.