مقومات النجاح الأسري

نجاح العلاقات الأسرية أو فشلها رهين بخمسة أركان:
1- معرفة الهدف من الزواج
قبل الزواج يحلم غالب الشباب بفارس أو فتى الأحلام، ويرسم في مخيلته الشخصية التي يتمنى أن تتحقق في الطرف الآخر. غير أن الهدف من الزواج يتوارى إلى الخلف في ظل هذه الأحلام الوردية، وسرعان ما تهب رياح الواقع العاتية، فتعصف بالأمنيات وتبرز الطبائع المتجذرة في الطرفين. فإن لم تكن الحكمة و الصبر و الحلم تحطمت السفينة على أول صخرة في الطريق. ولا ينج من الغرق إلا من عرف الهدف من الزواج المتجلي في ميثاق غليظ يمتد منذ اللقاء الأول إلى دار الخلود في جنات النعيم.
2- المعرفة المتبادلة بين أفراد الأسرة
لا تكفي النيات الحسنة في تثبيت أركان البيت الأسري، و لا الكسل المتعمد عن بذل الجهد الفكري و النفسي و السلوكي من أجل معرفة الأطراف الأخرى في البيت. وهنا لا نتحدث عن معرفة الزوجين لبعضهما البعض، و إن كانت هذه المعرفة هي الأساس، ولكن تجب معرفة الأطراف الأخرى للبيت من أطفال و أهل الزوجين و البيئتين اللتين نشئا فيهما. وحينما أقول بوجوب معرفة الأطفال أيضا، فهذا يعني أن يبذل الأبوين ما في وسعهما للتعرف على هذا الإنسان الناشئ الصغير، والحذر كل الحذر من اعتبار الطفل إنسانا من الدرجة الثانية أو الاستهانة بقدرته على الفهم. فبعض المشاكل الأسرية تكون من مصدر طفولي كرد فعل عن أشياء لا يقدر الطفل أن يواجه الكبار بها فيلجأ إليها لتحقيق ذاته كإنسان و عضو كامل العضوية في الأسرة.
3- احترام الاختلاف في ظل الإئتلاف
خلق الله بني آدم و جعلهم شعوبا و قبائل مختلفين. لكن هذا الاختلاف هو سر انجذاب بعضهم للبعض الآخر . لكن رغم وعي كل واحد منا بهذه الحقيقة، فغالبا ما يحاول كل طرف أن يروض الطرف الآخر لصالح طبعه هو ، وثقافته هو، و ذوقه هو. مما يؤدي إلى الاحتكاك فالاشتعال فالاحتراق فالفراق. لكن اللبيب هو من يجيد ترتيب قطع الزليج البلدي الأعوج منفردا الغاية في الجمال والتناسق مجتمعا. فكل منا له نتوءاته وألوانه الباهتة و قطعه المتكسرة، فلا يفخرن أحد بذلك. ولكن الفخر كل الفخر أن يكون كل طرف في الأسرة مساهما في جمالها الكلي و محافظا على الإئتلاف في ظل الإختلاف.التعاطي الإيجابي مع المشاكل.
4- التعاطي الإيجابي مع المشاكل
معظم الأسر تنظر إلى المشاكل الحياتية نظرة سلبية، بل تجعلها شماعة تعلق عليها كل إخفاقاتها الماضية، الحاضرة و المستقبلية. وكأن المشاكل لم تخلق إلا لتحطم الإنسان و تعكر عليه صفو حياته في النعيم الدنيوي الذي يتخيله. وقليل هم من ينظرون إلى المشاكل على اختلاف أنواعها و ألوانها ودرجاتها كسلم يرتقي بقدراتنا و مهاراتنا و استعدادنا لإبداع حلول في مستوى العقبات التي تواجهنا. و لا أدل على ذلك من كل الإختراعات التي ننعم بها اليوم والتي كانت مشاكل تحولت بفعل الإرادة إلى حلول. ومن ثم فكلما ساق الله للمرء مشكلا ،كلما منحك درجة أعلى في الفهم والفعل و الرزق المادي و المعنوي. ففي طي كل محنة منحة.
5- معرفة المصير الدنيوي و الأخروي
ما ينبغي معرفته، بل التذكير به في كل مناسبة بين كل أفراد الأسرة هو ذلك البعد الأخروي للأسرة. فالبيت جنة الدنيا لكنه حف بالمكاره. والأخلاق إنما هي أخلاق البيت. أما التصنع فكل منا يحسنه إلى حد الإتقان. لذلك فمراقبة الله في الأهل و الأطفال و الجيران و في كل محيط البت لمن الأركان التي يجب العناية بها و تربية النشئ عليها. ومن جهة أخرى لا ننسى مصيرنا الدنيوي وطلب الكمال المادي و المعنوي للأسرة، فلا يغني التعبد عن الكدح و لا الكدح عن التعبد. فطريق الآخرة يمر عبر الدنيا ، وما الحسنات و السيئات إلا نتائج لتفاعلنا مع ما وهبنا الله من فرص للخير و ما حذرنا منه من شر.