العنف مؤشر على تردي منظومة بأكملها

إن مستوى التردي الذي وصل إليه التلميذ ومجموع السلوكات المشينة التي أصبحت تطبع تصرفاته، هي نتيجة لفشل منظومة الوسائط التربوية ككل، ومن أهمها المدرسة في غرس القيم وإكساب الطفل السلوكات الصحيحة اللازمة في تربيته وتأهيله مجتمعيا.
فاقد الشيء لا يعطيه، والتلميذ كما رجل التعليم ضحية لسياسات تربوية تأهيلية فاشلة، وما نشهده من ترد لن يتوقف فقط بنهج المتابعات القضائية في حق المذنبين سواء أكان تلميذا أو رجل تعليم، بل يجب إعادة النظر في المنظومة التربوية التعليمية ككل في جميع مجالاتها :
من قيم مجتمعية سائدة تسهم الدولة في مزيد من ترديها بضربها لأي مبادرة جادة لتأهيل مواطن مسؤول بتحكمها في الفضاء العام من أحزاب وجمعيات وغيرها.
ومن أسرة وماذا قدمنا لها من تأهيل خاصة الأم لتكون حاضنة للطفولة، وما هي السياسات والمرافق الاجتماعية التي أعدتها الدولة لذلك؟!! وما هي التسهيلات والتحفيزات التي تقدمها للمتطوعين في المجال؟!! ، بل بالعكس أصبحت الأسرة مؤسسة هشة تحت مطرقة التفقير وما يستتبعه من فقدان الاستقرار الاجتماعي، وبالتالي تصبح فضاءا ترتع فيه مظاهر العنف والتفكك والتشرد والجريمة بدون أي تغطية اجتماعية حقيقية تتبناها الدولة أو تفسح لها المجال، بل ديدن الدولة هو ضرب المبادرات الجادة، كيف لا والمحسوبية هي اللازمة في التعامل وطبعا معها الانتهازية عدوة الكفاءة الضرورية في أي فعل بان، ويمكن القول بكل أسف أن الأسرة والأمومة مؤسسة ساقطة من السياسات التخطيطية للدولة تستوي في ذلك الأسر الفقيرة مع غيرها.
ومن مدرسة وما رصدناه لها من ميزانية وتأهيل وتحفيزات وتشجيع واحترام وتقدير ومتابعة بيداغوجية وبرامج تربوية تعليمية حاملة للقيم والمعرفة ومنتشلة للطفولة من وهدة التردي، كل هذا لا يتطابق مع سياسة الإجهاز على المدرسة العمومية من تقشف وأساتذة بالعقدة بدون تأهيل بيداغوجي للتعامل مع الطفل، فرجل التعليم مربي قبل أن يكون ملقن معلومات.
ومن إعلام ودوره في التوعية وفتح آفاق أوسع وتمرير القيم وترسيخها بطرق فنية إبداعية تحبب الأمر للنفوس عوض ما نشهده من إعلام دوره الإلهاء وغرس قيم التفكك والعنف والجري وراء المتعة والمظاهر المادية الفارغة من أي قيمة جمالية إنسانية وتردي الذوق العام.
ثم أين هي فضاءات اللعب والترفيه والرياضة وتنمية المواهب كحق من حقوق الطفل فهو كثلة من النشاط والطاقة وخزان من الملكات إن لم تفرغ وتوظف في مجالها الطبيعي انقلبت إلى سلوك سلبي أو فعل عدواني، لكن والواقع كما نرى هذا الحق ملغى في حق الطبقات الفقيرة فأبناؤها محرومون حتى من فضاءات فارغة أمام تغول لوبي العقار المسنود من الدولة والذي يلتهم كل المساحات.
وخلاصة القول أن الدولة تنتهج سياسات اجتماعية لاشعبية تجعل من الجيل الصاعد قنبلة موقوتة، وما نشهده من اختلالات بدأت تطفو على السطح ما هي إلا إنذارات عما يستقبلنا من كوارث يجرنا إليها المخزن جرا بفساده واستبداه، فما نحن فاعلون؟؟؟؟