وتلتحق للاالزهرة بركب الأحبة…

من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظرو ما بدلوا تبديلا.¹
ودعنا أختا عزيزة على قلوبنا للا الزهرة القنيصي صباح يوم الجمعة 18من شهر رمضان الأبرك من هذا العام1437، الموافق ل 24 يونيو2016، أختا تحققت فيها صفة الرجولة الإيمانية التي يجب أن نتصف بها جميعا ذكورا وإناثا .لقد وهبت وقتها و مالها و حياتها في الدعوة إلى الله تبارك و تعالى، وكانت ممتثلة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن كالنحلة لاتأكل إلاطيبا ولا تخرج إلاطيبا، وإذا قامت على غصن يابس لم تكسره”، هكذا كانت الحبيبة الزهرة تبحث عن الرحيق حيث يوجد، عن موائد الرحمان التي تذكرها بلقاء الله عز وجل، تتشرب من قلوب المؤمنات حتى يصير المبتغى والقصد ليس الجنة وإنما رب الجنة جل و علا.
كانت تبحث عن العلم لتؤدي رسالتها التربوية والتعليمية على أكمل وجه، رغم الأجر الزهيد الذي كانت تتقاضاه في التعليم الخصوصي، ورغم ما عانته من ظلم وإجحاف من دولة لا تعير لأصحاب الشهادات والكفاءات اهتماما، كانت تأبى إلا أن ترسم الابتسامة على وجوه الأطفال، في صفائها رحيمة بالصغير والكبير، تسارع إلى خدمتهم وهي مستبشرة بما عند الله من الأجر والثواب، والابتسامة لاتكاد تفارق محياها.
والنحلة إذا قامت على غصن يابس لم تكسره، هكذا كانت الغالية لاتكسر مشاعر أحد ولا تعتدي عليها.
والنحلة لا تكون بمفردها، وإنما خلية النحل عمل جماعي منظم، وقد اصطفاها الله سبحانه أن جعلها في صحبة مباركة في جماعة همها الوحيد و الأوحد هو تربية الإنسان و التوبة إلى الله تعالى.
هنيئا لك أختي الغالية، لقد نهلت من مشكاة النبي صلى الله عليه و سلم الخلق الرفيع، نهلت من المعين الصافي الذي لاينضب مهما نهل منه وارده. كنت لنا مدرسة تعلمينا كيف نحب الآخر، وأنت على يقين بأن الصفاء وعاء العطاء.
هنيئا لك ثباتك على الحق رغم مغريات الدنيا الفانية، فكنت كالنخلة في ثباتها في قوله تعالى: ألم تركيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء² ،هكذا صمدت مهما هبت رياح الفتن، وحملت لواء الدعوة إلى الله عز وجل بالحال قبل المقال، بشهادة الجموع الغفيرة التي حضرت تأبينك من الآباء والأمهات والزملاء والمحبين.
طبت للا الزهرة وأنت حية ، طبت وأنت تحتضرين وتطلبين قدم والدتك لتقبيلها، طبت وأنت ميتة مبتسمة ومخضبة اليدين والقدمين، و طبت وأنت محمولة على نعشك وقد استقبلتك حشود الأطفال هذه المرة على غير المرات السابقة التي كنت أنت في استقبالهم.
عذرا أختاه فأصابعي لا تجود بما كنت أهله، و كلماتي لا تتألق لأنك عظيمة ولا نزكي على الله أحدا.
فاللهم اجزها عن الإحسان إحسانا، وعن الإساءة عفوا وغفرانا، و أنزلها منازل الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، واجمعنا معها عند حوض نبيك المصطفى صلى الله عليه و سلم.
¹:سورة الأحزاب الآية 23.
²:سورة إبراهيم الآية 24.