المرأة و بناء الذات 3

بناء الذات
طلب الكمال
إن مطلب الكمال أسمى مطلب ترجوه المرأة المسلمة عند ربها، وتتذلل لأجله جميع الصعاب والعقبات، عالية المطمح متزنة الخطوات، لا تلوي على شيء غير رضا ربها وطلب ما عنده، يقول عز وجل يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا، 6 إذن فلا بد للمرأة المسلمة أن تقتدي بأمهات المومنين وتسعى لتطهير قلبها من حب الدنيا، وتخلص توجهها ونيتها لله عز وجل، إن كانت تطمح لكمال روحي.
ومن كمال المرأة أن تطلب كل علم يقربها الى الله، ويساعدها في الدعوة إليه يقول الأستاذ “ الكمال العلمي تعلم القرآن وتعليمه وتفريع كل علم سواه عنه من علوم الدين والدنيا. “)خيركم من تعلم القرآن وعلمه“.) حديث نبوي رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن مولانا عثمان بن عفان رضي الله عنه. 7
فتعلم المرأة المسلمة القرآن وعلومه يبعث نورا في القلب، ينير جنباته ويشوق روحها لتلقي نفحات عهد القرآن، عهد الصحابيات ومحبة التشبه بهن، يقول الأستاذ: “”في المرحلة الثالثة من ترقي المومنة في معارج الدين يتحسس قلبُها، ويَهفو كيانها،وتتوجه إرادتها للتشبه بأمهات المومنين ذوات الصَّوْن والكمال، تتخذهن نموذجا. وتكون عندئذ بما رفعتها همتُها كالمخاطبة المشرَّفَة المُكَلَّفة بما شُرِّفْن به وكلفن في قوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا 8
فهؤلاء مثل المرأة المسلمة وقدوتها وباتباعهم تطلب القرب والفوز والكمال.
ويبقى أن تحذر المرأة المسلمة في لحظات الضعف من حبال الفتنة التي تحاك بالليل والنهار، ويزين طريقها حاقدون وحاقدات على دين الله، لا يرون الكمال الا فيما وصلت إليه المدنية وإن حملت معها الدمار والإجحاف والتحقير لقدر المرأة. وعن هؤلاء وأمثالهم يقول الأستاذ: “قلت: درجة الكمال الاجتماعي التمديني عنده هو ما وصلت إليه أوربا والمرأة الأوربية، “خيره وشره” كما قال طه حسين، وذلك بقطع النظر عن كل هدف غيرِ التقليد التَطوُّريِّ، وبالانقطاع عن كل دين لأن الدين ينافي العلم.
ويفرض قاسم سائلا يسأله: ما نهاية هذا التطور الذي يسوق المرأة في أطوار الكمال التمدني؟ فيجيب: “ذلك سر مجهول ليس في طاقة أحد من الناس أن يعلمه(…). وإنما نحن على يقين من أمر واحد: وهو أن الإنسانيّة سائرة في طريق الكمال. وليس علينا بعد ذلك أن نَجِدَّ السَّيْرَ فيه ونأخذَ نصيبنا منه”.
قلت: إلى المجهول “الكمالي يا عشاق حرية المرأة!)، 9 لهذا فالكمال الذي أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة أن تطلبه غير الكمال في فكر دعاة التغريب “والأخت الصالحة مدعوة لكسب الفضائل ومقاومة الرذائل وامتلاك القوة الإيمانية الإرادية لتَرقَى صعُدا في معارج الكمال الروحي والكمال العلمي والكمال الخلقي والكمال الجهادي). 10
[2] تنوير المومنات، ج 2، ص 65.
[3] سورة الأحزاب، الآيات 32-34.
[4] العدل، ص 285.
[5] تنوير المومنات، ج 1، ص 14.
[6] سورة الأحزاب، الآية 28، 29.
[7] تنوير المومنات، ج 2، ص 65.
[8] سورة الأحزاب، الآيات 32-34.
[9] العدل، ص 285.
[10] تنوير المومنات، ج 1، ص 14.