نساء الأطلس معاناة ومكابدة

نساء الأطلس معاناة ومكابدة
كثيرا ما نسمع شعارات طنانة تلوكها الألسن و تكاد تثقب الآذان منها تحسين وضعية المرأة القروية أو النهوض بالمرأة والفتاة القروية أو… ولكن الواقع المعيش أمر آخر لا علاقة له بالشعارات والغوغائية، واقع مر بمرارة العلقم يقف شاهدا على استمرار معاناة المرأة القروية
لنفتح نافذة على بعض ما تعيشه المرأة الأطلسية المجاهدة التي تحارب كل يوم أعداء كثر بوسائل بدائية لعلها تبقى على قيد الحياة وتحفظ أسرتها من الفوت. من هم أعداؤها؟ وهل من مخلص لها؟
عدو البرد القارس:
أول هم تبدأ به المرأة الأطلسية يومها التفكير في التدفئة وكيفية الحصول على بعض الحطب تلتمسه من مناطق بعيدة عن مأواها من أجل تسخين الماء أو طهي الطعام أو تدفئة المسكن ،لأن درجة الحرارة تكون أسفل من الصفر هي ،أقل من درجة حرارة المبرد.
نجد أفواجا من النساء يذهبن جماعات أو فرادى للبحث عما يساعدهن على التدفئة من حطب أو أخشاب من أشجار ميتة، وقد تحصل على بعضها أو ترجع بخفي حنين، وإن وفقت في العثور عليها بعد معاناة البحث والتقطيع تحملها المسكينة على ظهرها مما يزيد من ألمها ومعاناتها، كل هذا مع فقر مدقع وتهميش فاضح وتجاهل واضح وغياب لأبسط وسائل العيش الكريم أو الحضور ضمن أجندات التخطيط و التنمية.
عدو السكن:
حينما نبحث في مسكن أهل الأطلس نجده خياما على عادة العصر الجاهلي القبلي أو أكواخا من حجر وطين متفرقة في أعالي الجبال أو في سفوحها في الخلوات والفلوات مثقلة بالأكياس البلاستيكية أوصفائح قصديرية أو أشياء نعدها من المهملات غير المرغوب فيها، يحاولون الاستفادة منها علها تقيهم قطرات المطر أو سقوط الثلوج، ناهيك عن غياب قنوات الصرف الصحي مما يجعل احتكاكهم مع تقلبات الطبيعة أكبر وتعرضهم للأمراض أشد.
عدو الأكل وسد الرمق:
تعاني المرأة الأطلسية بعدا جغرافيا عن المدينة وعن القرية المركزية مما يجعلها دائما في حاجة ماسة لضروريات العيش وما يسد الرمق، وخاصة عند سقوط الثلوج فتقطع الطرقات مما يزيد من حدة المعاناة.
ولما كانت أغلب النساء الأطلسيات يعشن على الفلاحة كما تعتمدن على الرعي وتربية المواشي، لكنهن عوضا من أن يستفدن من مداخيل بيعها يضطرن لذبحها لإطعام أطفالهن، بالإضافة إلى امتهان بعض الحرف التقليدية مثل نسج الزرابي أو الصوف أو غيرهما فتبيع ما تنتجه أناملهن بأبخص الأثمان لغياب مجالات التسويق واحتكار التجار الكبار.
عدوالأمية :
بالإضافة إلى الضغوطات السابقة تعيش المرأة القروية الأطلسية الأمية المدقعة لعدم تمكنها من القراءة والكتابة والتفقه في أمور دينها ودنياها، إذ لازالت نسب مئوية عالية تسجل في صفوفها، . وهذا ينطبق على بناتها نظرا لعدة أسباب تتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة فيها باستثناء جهود بعض الجمعيات من المجتمع المدني في التوعية والمساعدة. كما أن ضعف البنية التحتية و بعد المرافق التعليمية عن القرى خاصة مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي مما يضطر الآباء إلى منع بناتهم من متابعة دراستهن في المدنلضعف الإمكانيات وخوفا عليهن من التحرشات الجنسية والاغتصاب من جهة أخرى، بالإضافة إلى العادات الجارفة المتمثلة في النظرة الدونية للمرأة ، لذلك نجد تفشي ظاهرة الزواج في صفوف القاصرات وبدون عقد زواج يثبت حقوقها وحقوق أبنائها وهذا وأد في حد ذاته يعقبه الطلاق والشتات الأسري ، أو تزويجها بالخيار لمدة عام في أسواق مهرجان إملشيل لتسرح مثل أي سلعة رخيصة، أو ترسل خادمة في البيوت.
عدو التطبيب والعلاج:
من المشاهد التي اعتدنا عليها في الأنترنيت والتي تطرح العديد من الأسئلة رؤية الحامل محمولة على نعش الأموات لإيصالها إلى دار الولادة أو صور بعض الأطفال دون لباس على الرغم من قساوة المناخ في منظر يحز في النفوس، فيا للعار والخزي في حق من يتبجحون بالإصلاح.
وفي ظل هذا التهميش يسجل يوميا ارتفاع في معدل الوفيات في صفوف النساء والأطفال لغياب الرعاية الصحية للمرأة وتتبع مراحل الحمل والولادة، وقلة المستشفيات المجهزة أو غيابها، وهذه السنة تم تسجيل وفيات في صفوف الأطفال والعجزة بسبب البرد القارص وغياب المعدات اللازمة للتدفئة كمنطقة أنفكو على سبيل المثال لا الحصر.
يضاف إلى كل هؤلاء الأعداء الشرسين المتربصين قلة المياه وقساوة الظروف المحيطة، مما يلقي بظلاله القاتمة على الحياة شكلا ومضمونا، بل ولا يسلم حتى المظهر الخارجي فتجد بشرة الوجه جافة يميل لونها إلى الزرقة في فصل الشتاء وفي الصيف تظهر التجاعيد و السمرة.
. هؤلاء أعداء المرأة الأطلسية البارزون وما خفي فهو أدهى وأمر، استنزفت المسكينة المجهلة المفقرة طاقاتها في المواجهة والتصدي ومحاولة سد الثغور، فهل من فارس مغوار أمثال عنترة ابن شداد تأخذه الحمية و نخوة العروبة وأنفة الذوذ عن النساء يحمل سيفا مشرفيا يقضي بضربة واحدة على أعدائها فتعيش مابقي لها من عمر في سلم وأمن واطمئنان؟؟؟.