مفاهيم ومقاربات حول النساء والتنمية 2

مفاهيم ومقاربات حول النساء والتنمية
هذه المقاربات كيفما كانت خلفياتها تبقى اجتهادا إنسانيا يفسر ما لحق بأوضاع النساء بإشكالات قانونية أو اقتصادية أو اجتماعية. في حين أن انحدار أوضاعهن نراه ليس مستحدثا أو تجليا لأزمات اقتصادية واجتماعية، بل له جذور ضاربة في التاريخ، إن مصدره أعالي التاريخ، وبالتحديد الانكسار التاريخي الذي حول المرأة من مشاركة ولديها مسؤولية داخل المجتمع ومكانة تسمح لها بمراجعة أمير المؤمنين، إلى أمة ثم جزء من المتاع الذي يزين القصور، ثم بعد ذلك إلى كائن كانت الكنيسة تتساءل هل له روح؟ أو إلى يد عاملة رخيصة لا اعتبار لها. لم تنحط المرأة وحدها، بل انحطت بانحطاط المجتمع، وانحط المجتمع بانحطاط الحكم وانتقاض عروته، وانحبس الفقه، وسد باب الاجتهاد، ودارت الفتوى في حلقة ضيقة مقلدة رابط في أركانها المركنة جهابذة العلماء للحفاظ على سائر عرى الإسلام أن تنتقض، ولصيانة الحياة في دائرة الشرع. وغفا العقل المسلم الذي كان ذات يوم رائدا في مجالات العلوم الكونية كما كان سابقا في فقه الشرع غفوته التي توشك أن تعقبها صحوة شاملة وحرية حقيقية للمسلمة والمسلم) 7
هذه المقاربات، أجمع متخصصوها والمهتمون بها على أن محور العلاقات الاجتماعية بين الجنسين هو الإنسان وبالتالي لا يمكن تغييرها ما لم يتغير الإنسان وتتغير صيرورة تنشئته الاجتماعية وأسلوب تربيته. قد يكون هذا جزأ من الحل، لكن تغيير وضع المرأة لن يكون إلا في إطار حل شامل. على المومنات جهاد لاقتحام عقبات التقاليد، وعوائق العقل الذي ينبغي أن لا ينقاد إلا للحق، وعوائق العادات والأنانيات والذهنيات المتخلفة. قضية المومنات لا تحل إلا في إطار حل شامل يُشاركن فيه متزعمات مع الرجال لا تابعات ) 8 إنه جهاد مزدوج: حقوقك التي كفلها الشرع تنتزعينها من تعسف الرجل، وتتقدمين في العلم لكيلا يحتكر هو الاجتهاد ويميل به إلى سوء استعمال “درجته”. ثم واجباتك في صد العدوان على الدين مما يليك) 9
هذه المقاربات محورها الظلم الذي وقع على النساء حين لم يشاركن في التنمية 10 ولم يستفدن منها؛ في حين مظلومية المرأة أكبر من ذلك. قضية المرأة كما قضية أخيها الرجل ظلم جاثم على الصدور وأمية ضاربة أطنابها، هي بين سندان الدعوات التغريبية ومطرقة المخلفات الانحطاطية ما من شكوى يبثها حال المرأة المسلمة ويلغط بها دعاة “تحريرها” أمس واليوم إلا ولها نصيب كبير من الصحة: استعباد المدنية، والمعاملة المهينة للبدوية، والأمية الأبجدية، والجهل، والأجور البئيسة، واستغلال الصبيات في معامل تأكل من عرقهن البطون الحرامية، والتعدد الاعتسافي، والطلاق الجائر، وإكراه الفتيات على الزواج، والتحايل على نصيب المسلمات من الإرث. والقائمة طويلة. لكن ما بالنا نطوي هذه المآسي في كم النسيان ونسكت عنها ليشتد عويلنا فقط على مآسيها الطارئة: التبرج، والخلاعة، والدعارة، والجرأة على الدين، وزندقة الزنديقات، والتمثل بالأوربيات؟ ما طرأت هذه المآسي إلا لأن تلك القديمة المقيمة لم تجد حلا من صميم الفقه الإسلامي وعمل الحاكم الإسلامي). 11
إن المقاربات التي تروم التصدي لقضية المرأة على اختلاف توجهاتها تبقى جد سطحية ولا تلامس عمق المسألة بل تتخندق في إطار ردود الأفعال أو الدفاع عن مزيج من أعراف وتقاليد. بينما يختار آخرون المقاربة السياسوية لهذا الموضوع والتوظيف المصلحي، فتضيع المرأة بين التوجهين. التعاطي مع هذا الموضوع يمكن إجماله في “ما يلي:
– محاربة التسطيح في معالجة قضية المرأة بنقلها من نزاع حقوقي صرف بين الرجل والمرأة إلى هم المصير الأخروي للطرفين وعلاقتهما بالله سبحانه وتعالى.
– محاربة التجزيء بوضع القضية في إطار شمولي بربطها بالتردي العام لأحوال الأمة واعتبار علاجها جزءا من مطلب التغيير الشامل.
– محاربة التقليد في تناول هذه القضية بالدعوة لتجاوز القراءات الفقهية المذهبية الضيقة والمناداة بضرورة اجتهاد حقيقي ينهل من النبع الصافي: الكتاب والسنة. 12
[2] نفس المصدر، ج1، ص 80
[3] نفس المصدر، ج1، ص 212
[4] التنمية: تعني توفير الآليات والوسائل والأساليب لكل فرد للحصول على فرص متساوية ومتكافئة لتحقيق مجتمع أفضل مع التوزيع العادل للموارد والثروات بين مختلف الفئات الاجتماعية
[5] كتاب “تنوير المؤمنات” للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله ، ج1، ص 53-54
[6] القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، وثيقة نشرها موقعه الالكتروني (أخوات الآخرة) في 8/03/2005
[7] كتاب “تنوير المؤمنات” للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، ج 1، ص 25 .
[8] نفس المصدر، ج1، ص 80
[9] نفس المصدر، ج1، ص 212
[10] التنمية: تعني توفير الآليات والوسائل والأساليب لكل فرد للحصول على فرص متساوية ومتكافئة لتحقيق مجتمع أفضل مع التوزيع العادل للموارد والثروات بين مختلف الفئات الاجتماعية
[11] كتاب “تنوير المؤمنات” للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله ، ج1، ص 53-54
[12] القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، وثيقة نشرها موقعه الالكتروني (أخوات الآخرة) في 8/03/2005