حقيقة النصرة

لطالما استغل حكامنا أو من يدور في فلكهم من الساسة والمسؤولين أحداثا لتمرير خطابات أو قرارات أو التستر على منزلقات أو سياسات.
ولطالما وجد العالم الغربي ما يلهينا أو يستفزنا به لذات الغاية أو لقياس مدى تهورنا أو ضعف تصورنا أو لإقامة الحجة علينا.
تقوم الاحتجاجات هنا وهناك اعتزازا بالهوية الاسلامية وبالانتماء للوطن والدين، تعبر بها الجموع الصادقة على المحبة والهيام. قد تشوب الاحتجاجات انزلاقات وجعجعات وعنف مقصود وغير مقصود ليس من عاقل يلتمس عذرا فيه.
أجدني دائما متسائلة: هل محبة الدين والكتاب المجيد وعشقُ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم نتذكرها فقط عندما نُستفز؟
أين نحن من تلاوة دستور المسلمين وتحكيمه والتحاكم إليه والعمل بمقتضاه في المنشط والمكره أم تركناه نسيا منسيا؟
هل قدمنا الصورة الحقيقية للإسلام في سماحته وقوته البانية الرفيقة المقنعة، أم أننا وقفنا عند حدود ذلك الفهم الرديء لقوله تعالى: “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم”، فظننا أن القوة إرهاب وترهيب وتكشير وملامح جامدة لتمرير تلك الصورة النمطية للتدين.
ما أعددنا القوة بحق، قوة العلم والاختراع وبز الأقران في ميادين المعرفة والاطلاع وإن كانت أول آية نزلت تحثنا على القراءة. ما قدمنا النموذج المشرق لما تربينا عليه في ظل هذا الدين الكريم.
فهمنا أن القوة ترهيب وعنف، والواقع أن القوة إعداد وإنجاز حتى يخشانا العدو ويوقر جانبنا ويحسب لنا ألف حساب قبل أن يفكر ولو للحظة في التطاول والإساءة.
القوة كما تكون في الفرد تكون في الجماعة، وكما تكون عند الحاكم تكون عند المحكوم.
القوة لغة مشتركة تضمن العزة والمهابة للأمة جمعاء، وتنفي الاستسلام والرضوخ والذلة والانبطاح وتمرير مقررات “السادة” الأعداء ولو ضد مصالح الشعوب والأوطان، أوالتلويح بغصن الزيتون والحمامة البيضاء في الوقت الذي يقصفنا العدو بشتى أنواع أسلحة الدمار.
أين نحن من حقيقة الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذوذ عن الحمى وصيانة الدين الذي بُعث، صلى الله عليه وسلم، من أجل إقامته ونشره والدعوة إليه؟
إنه قدر الله سبحانه الذي جعل الركب يسير وإن تعالى حوله النباح. إن أمر الله لا شك مُتَم ولو كره الكافرون، بنا أو بغيرنا يتم الله نوره وينصر دينه، ولكنها ضربات القدر المنهضة للهمم المستحثة على القيام من نوم الغفلة والكسلان، والانخراط في سلك الجهاد بكل أنواعه وعلى رأسها التربوي والتنظيمي لتبحث الأمة عن قدم راسخة بين الأمم فلا ينفرط عقدها ولا تضحى كعكة سائغة تقتصمها مآدب اللئام.
إن الله يدافع عن الذين آمنوا فكيف بمن كان سببا لمن اهتدى وآمن؟
يريدون أشياء ويريد الله غيرها فينقلب السحر على الساحر ويدخل الناس في دين الله أفواجا حينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
إنها حتما ضربات القدر الموجعة عسى تستفيق الأمة من سبات القرون لتشق طريق عزتها وتصلح بما صلح به أولها.
وطوبى لمن سعى إلى محبة الله سبحانه، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبة محابهما.