القطاع النسائي للجماعة: نقطة ضعف أم قوة؟

لا يمكن فهم ما حدث للسيدة هند زروق _ والتي نحسبها بريئة و الله أعلى و أعلم و لا نزكي على الله أحدا_ إلا إذا فهمنا السياق العام للصراع المفتوح ما بين المخزن والجماعة. و سأحاول بكل موضوعية أن أضع النقاط على الحروف وإن كنت من المناهضين للثقافة المخزنية إلا أنني سأضع بين نصب عيني قول الله تعالى” وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”.
الصراع بين المخزن والجماعة و بحكم متابعتي للشأن الإسلامي أمكنني من وضع ومعرفة أن هناك دورات دورية على شاكلة قانون ابن خلدون للصراع، تخف حدتها تارة ثم ترتفع تارة أخرى! ولعل أهم مؤشر للحظة الهجوم ومضاعفة الحصار على الجماعة هو عندما تكثف الجماعة من أنشطتها سيما الأنشطة الدولية ذات البعد الثقيل جدا. فقبل واقعة السيدة هند رزوق كان الأستاذ محمد حمداوي عضو مجلس إرشاد الجماعة ومسؤول العلاقات الخارجية يُسْتَقبل في غزة المحاصرة من طرف السيد إسماعيل هنية رئيس الحكومة الشرعية والمنتخبة انتخابات ديمقراطيا لا غبار عليها؛ الزيارة والاستقبال أقل ما يمكن وصفهما بأنهما زيارة مسؤول دولة لا أقل ولا أكثر! وقبلها زار وفد من الجماعة بقيادة الأستاذ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسمها والأستاذ محمد حمداوي وعدد من مسؤولي القطاعات داخل الجماعة تونس واستُقْبِلوا استقبالا رسميا لا يقل عن استقبال الوفود الرسمية! وكان على رأس المستقبلين رئيس ومؤسس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي. ومكث الوفد المغربي زهاء أسبوع كامل؛ وقبل أيام فقط دوى صوت الفنان المتألق المحاصر رشيد غلام في العاصمة القطرية الدوحة محتكرا إليه الأضواء احتكارا مشروعا على الرغم من حضور من ثلة من النجوم الذين حضورا الحفل! لا لعذوبة صوته وبديع اختيار كلمتاه فقط! و لكن لأدائه المنصهر والمندمج في القضية، وشتان بين النائحة المستأجرة والثكالى! لأنه كان يحمل قضية هي قضية الحصار والظلم الشخصي الذي تعرض له الفنان رشيد غلام سنة 2007 بتهمة “الخيانة الزوجية” أيضا! في الوقت الذي كان يعد حقائبه للمشاركة في دار الأوبرا بالقاهرة ليجد نفسه بين دهاليز المحاكمات؟ وقبل هذه الأنشطة كتبت عدد من المنابر الإعلامية الممولة مخزنيا عن المؤتمر العالمي الذي ستحتضنه العاصمة العثمانية إستانبول من أجل مدارسة فكر الأستاذ المرشد مؤسس الجماعة، هذه المنابر التي ستجتهد غدا في إبراك عضلاتها بمانشيطات حارقة فاعلة تاركة…… ثم قبل أيام طالعنا موقع ألف بوست المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية عن هزيمة لادجيد في إسبانيا نتيجة قوة الجمعيات التابعة والمتعاطفة مع الجماعة في ملف تسيير الشأن الديني بإسبانيا. إذن أمام هذا “الزحف” بتعبير الإخوان، وهو تعبير نبوي لا يحسب للبشر بقدر ما يحسب لسيد البشر عليه الصلاة والسلام. من جهة، أما من جهة الداخل
أما عن جبهة الداخل فسأخصص الحديث على القطاع النسائي للجماعة الذي أهمله المخزن كثيرا مركزا على الدائرة السياسية والقيادات ليكتشف فجأة تنظيما نسائيا قويا موازيا تقوده نساء الجماعة! أكثر من ذلك بدا وبأن التنظيم أكثر يكاد يكون أكثر قوة من التنظيم الرجالي نفسه؟ لأنه من الصعب جدا تحديد العناصر النسائية وطريقة تحركها وقدرتها الهائلة على الاستقطاب والتحرك والتجمع والاتصال. وطبعا استقطاب نساء لسن من الطبقات الفقيرة بل من علية القوم سيما من اللاواتي لا يحسن نطق الراء إلا” غاء”! وأخال أنه من تابع مسيرة يوم 25 مارس 2012 بالرباط وللحجم الهائل للإنزال الأخواتي يخرج بخلاصة مفادها بأن القضية ليست بالسهلة؛ وبأن هناك تنظيما بشريا وحركيا في تزايد وانتشار رغم الحصار و”سنينه بتعبير الكاتب المصري فهمي هويدي المحسوب عنوة على التيار الإسلامي رغم أنه يقول في كل مرة بأنه مفكر وكاتب مسلم يعتز بدينه وعقيدته ولا يحب هذه التقسيمات؟
أمام هذا التحرك والتطور كان لا بد من ردة فعل لا أقول من أجل إيقاف “الزحف” الدولي والأخواتي القطري ولكن فقط من أجل إرباكه وإظهار قوة المخزن وحضوره المحتشم وبأنه ما يزال يسيطر على الأمور؟ وأظن أن الذي تابع في ماي 2006 تصريح وزير الداخلية السابق شكيب بن موسى لوكالة فرانس برس وتعليله على الحملة القوية التي شُنَّتْ على الجماعة قائلا تلك العبارة الشهيرة: “و لما كثفت الجماعة من أنشطتها”؟ وأنشطتها هي الأبواب المفتوحة التعريفية بالجماعة ثم زيارة وفد حكرة حماس المشارك في مؤتمر الأحزاب العربية المنغقد بالدار البيضاء لأحدى مقرات الجماعة بقيادة الأستاذ أسامة حمدان. والحال أن عبارة شكيب بن موسى هي أفضل ترجمة لتفسير الواقع وبالضبط دورات المد والجزر بين المخزن و الجماعة.
أما آخر مسألة فهي ما موقف الحكومة الإسلامية الجديدة “صاحبة الصلاحيات الدستورية الكبيرة وغير المسبوقة”! أو بتعبير من يحلوا لهم القول صلاحيات النصف؟ سيما و أن وزارة الداخلية تابعة للسيد رئيس الحكومة أو بالتعبير الأدق رئيس الائتلاف الحكومي؟ اللهم إذا كان القائمون على ملف حصار الجماعة خارج النطاق الحكومي و المسألة الحكومية ككل؟ بل أكثر من ذلك يمكننا أن نفهم لماذا يراد إخراج قانون يعفي المؤسسة العسكرية من المساءلة والمحاسبة علما أننا نعيش في أعتاب الديمقراطية والحريات والدستور الديمقراطي غير المسبوق؛ وبعيدا عن مناخ 1971 _ 1972 حين كان الطريق إلى السلطة لا يمر إلا عبر الدبابة و البذلة الخضراء! ما يؤشر صراحة بأن هناك حسابات غير مطمأنة على الإطلاق وسيناريوهات لا قدر الله يتوقعها من يقفون وراء إصدار هذا القانون أقل ما يمكن وصفه بأنه يجعلنا دولة نعيش في أدغال إفريقيا السمراء تحت رحمة أصحاب البذل الخضراء ومذرعاتهم…. وإلا لماذا هذا القانون إن لم يكن هناك سيناريو لإمكانية عودة سنوات الرصاص وهذا أكبر دليل على الرؤية السوداء و التي تدحض أي شعارات للاستقرار؟ وإلا لماذا العودة للعسكر من جديد طالما هناك أمن وأمان واستقرار ورخاء حتى أضحى “لِيبَنَانْ” بتعبير مول البنان فاكهة شعبية في متناول المواطن بدليل أن السيد رئيس الإئتلاف الحكومي يقرنها بالطماطم و البطاطس مؤكدا بأن سعرها لم يتعدى 8 دراهم؟ واش كاين شي رخاء و رفاهية أكثر من هاذ الشي؟ والأهم من ذلك واش فهمتوني ولا لا؟.