صبرا أهل سورية

في الذكرى الأولى للثورة السورية المصابرة، سألت نفسي بخجل عميق: ماذا عساي أقول لهؤلاء المجاهدين الصابرين الصامدين أمام لبطش البعثي المستفحل؟ فلم أجد خيرا مما قال الرسول الرؤوف الرحيم، وهو يمر بالأسرة المجاهدة تنال أبشع التعذيب على يد كفار قريش: ““صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة”“.
ومن محاسن الأقدار أن تقتسموا مع هذه الأسرة الطيبة حروف اسمها وجميل صبرها وثباتها على الحق، وجهادها ضد الكفر والبغي، أبوان أبيا الشرك فرددا: “لا إله إلا الله ” حتى الموت، وولد صالح يواصل مسيرة الجهاد فيرفض الظلم، يخرج على الفئة الباغية، يقاتل إلى جانب الحق حتى أهريق دمه.
إن موعدكم النصر كذلك أنتم اليوم، وقبل عام من اليوم، ترون العالم صبركم الجميل، أمام أصناف التعذيب والتقتيل، وثباتكم على الحق في مواجهة الفرعون “الأسد” ، ومن استعبد ممن باعوا دينهم بلاشيء، واختاروا: لا إله إلا بشار.
تقفون بثبات الصخر والصبر، ترددون : “لا إله إلا الله ، فتقتلون كما قتلت سمية أم الشهداء وزوجها،
وتخرجون للساحات ترددون: الشعب يريد إسقاط البغي ،والظلم ،والنظام الفاسد، فتقتلون كما قتل عمار وأنتم عزل من كل سلاح.
غالبت خجلي، وانحنت نفسي إجلالا لنساء سورية ورجالها، فنسجت على منوال البشارة النبوية،
عبارة يخطها التاريخ، ويقر بها العقل السليم في حق هذا الشعب الذي أثبت بطولته
بثبات: صبرا أهل سورية، فإن موعدكم النصر والحرية، والجنة للشهداء وعدا من
رب الأرض والسماء
وإن موعدهم الصبح بنفس الإلحاح تطلب إلي نفسي أن أهتف في وجه الظالمين كذلك، في هذه المناسبة، فلم أجد أبلغ من الآية القرآنية القوية المتوعدة
لقوم لوط، ومن سار على نهجهم من الظلمة الكفار المفسدين في الأرض: “إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب“.
بلى يا الله، وصبرا يا أهل سورية، فإن فرائصهم لترتعد، وإنهم يترقبون صبحهم القريب، ويتطلعون في السماء إلى حجارتهم المسومة عند ربك للظالمين، ولكنهم لا يدعون لأنفسهم فرصة الاعتبار بمن سبقهم من قريب، فكيف يعتبرون بمن تتلى قصصهم في كتاب تطاولت على عالي حرمته سفالة
جرأتهم، فدنسوا صفحاته الشريفة، وهدموا البيوت العامرة به كما لم يفعل صناديد قريش.
صبرا أهل سورية، فما هو إلا موعد قريب يعلمه الله، ليقضي فيهم أمره جزاء لما كسبت أيديهم.
هو صبح قريب أبلج، يهل عليكم بالنصر والحرية، ويطل عليهم بالعذاب والخزي والبوار، يتبين
فيه أبيضكم المجاهد الصابر، من أسودهم الكافر الجائر، فيرفع الله الظلمة الكالحة بزوالهم،
ويبقي لكم الصفاء والنور والكرامة والحرية بما صبرتم.