صاحبة “القيثارة”

عزفت مجد المقاومة الفلسطينية وأسمعت المحتل الصهيوني ملحمة افتداء الوطن حين فضحت الممارسات الصهيونية الدنيئة ضمن برنامجها الإعلامي انطلاقا من مدينة رام الله ثم طورت نضالها من خلال عملية “القيثارة”الاستشهادية ضمن كتائب القسام في غشت 2001 ، فمن هي صاحبة “القيثارة “؟
هي واحدة من النساء الحرائر اللائي نحتت أسماؤهن صفحات الربيع بمداد الحرية والكرامة لما أسدين لأوطانهن من تضحيات جسام شأنها في ذلك شأن نساء اليمن ومصر وليبيا وتونس وسوريا وقبلهن نساء فلسطين المحتلة اللائي أبدعن أشكالا رائدة في الدفع بالمد التحرري في بلدانهن.
إنها أحلام مازن التميمي ابنة قرية النبي صالح القريبة من رام الله ووليدة مدينة الزرقاء الأردنية سنة 1980، هي خريجة كلية الإعلام وأول امرأة جندت في صفوف كتائب القسام، إذ كانت اهتماماتها وأحلامها تختلف عن قريناتها فهي بنت القضية التي ناهز عمرها ستين سنة من الاحتلال والتهجير والإبادة والتهويد…هي صاحبة حق ناضل أصحابه من مختلف الأعمار شيبا وشبابا أطفالا ورجالا ونساء بل حتى الحجر والشجر.
إنها صاحبة التفجير الذي تصدعت له أرجاء القدس المحتلة في التاسع من غشت 2001 حيث عهد إليها بتحديد المسار الذي سيتبعه الاستشهادي المكلف بإنجاز هذه الضربة الموجعة للاحتلال الصهيوني :
فحملت الشابة ذات العقد الثاني من عمرها القيثارة المفخخة واصطحبت الاستشهادي عز الدين المصري في سيارتها إلى مكان العملية بعد أن حددت له مسلكه وكلها عزم وحزم لإنجاز المطلوب ردا على المذابح والاعتقالات والسجن والتعسف الذي يمارسه المحتل الصهيوني في حق الفلسطينيين.
مرت العملية الاستشهادية ولم تتوانى سلطات الاحتلال في القبض عليها وإنزال أقسى التعذيب بها وإصدار حكم عسكري قاس في حقها : ستة عشر مؤبدا أي ما يعادل 1584 سنة من السجن بل وحرمانها من الاستفادة من أية عملية تبادل الأسرى، غير أن هذا الحكم الجائر لم يكن لينال من عزيمتها وصلابتها إذ واجهت الحكم بسخرية حادة تقارع الحجة بالحجة أنا لا أعترف بشرعية هذه المحكمة أو بكم، ولا أريد أن أعرّفكم على نفسي باسمي أو عمري أو حلمي، أنا أعرّفكم على نفسي بأفعالي التي تعرفونها جيداً، في هذه المحكمة أراكم غاضبين، وهو نفس الغضب الذي في قلبي وقلوب الشعب الفلسطيني وهو أكبر من غضبكم، وإذا قلتم إنه لا يوجد لديّ قلبٌ أو إحساس، فمن إذاً عنده قلب، أنتم؟ أين كانت قلوبكم عندما قتلتم الأطفال في جنين ورفح ورام الله والحرم الإبراهيمي، أين الإحساس؟).
لكن إرادة المولى عز وجل أبت إلا أن تعيد الحرية لأحلام التميمي وأن تغادر سجون الاحتلال الجائرة في ظل الربيع العربي برغم أنف المحتل وإن أبعدت إلى الأردن.