تأشيرة العبور: أنت تختمها

الانتخابات على الأبواب، وقريبا ستدق طبول التهافت على الأصوات والتكالب على الدوائر الانتخابية… مشاهد باتت في حكم المألوف والمعتاد لدى المواطن المغربي، لكن الجديد هذه المرة هو أن الفصل غير الفصل والمواطن غير المواطن: الفصل ربيع بكل تجلياته والمواطن ارتشف من رحيق الحرية والقدرة على التغيير ونزع عنه لباس الخوف ولن تنطلي عليه مجددا الحيل والخدع.
فبين ليل الاستبداد وفجر الحرية والديمقراطية الحقة قنطرة مثل الخيط الرفيع، ويبقى العبور إلى الضفة المشرقة رهينا بتأشيرتك أنت أيها التواق وأيتها التواقة للعدالة والكرامة. فإما أن تعبرا إلى ضفة الأمان وإما أن تقبعا من جديد في سراديب الظلم والاستضعاف بل والاستخفاف بكما وبأملكما في الحرية والمواطنة الفاعلة البانية والحقوق المحفوظة المسؤولة… الخ
لا جدال في أن هذه التأشيرة قد تقلبت لسنوات بين المكر والخداع وشتى التلاعبات: إذ كانت بعض الجهات – ولا تزال- تمتهن هذه الممارسات لتبقي الأمور على حالها ولتعيد إنتاج الديمقراطية المدلسة الخادعة، فاستأثرت لنفسها بخيرات البلاد ووسعت نفوذها السياسي والاقتصادي بالزبونية والمحسوبية والترويج لمغرب الحداثة والازدهار والتنمية الشاملة. لكن هذه الشعارات كانت -ولا تزال- تصطدم بالحجرة الكؤود، حجرة واقع أثخنته المآسي الحقوقية والاجتماعية والإعلامية والسياسية، نعم مآسي لطالما ترجمها التلاميذ والطلبة على أسطح الطاولات وجداريات المؤسسات ” التعليمية”، مثلما رسمها المعطلون على أجسامهم جراء التدخلات المخزنية العنيفة، ورسمها أيضا منبوذو العهد الجديد في المحطات والحدائق العمومية…إلخ
إن تأشيرة مثل هاته لجديرة بأن تكون ترياقا يمسح دمعة المظلوم الذي تنكرت القوانين الزائفة لمظلمته، ويشبع الجائع الذي تكالب الجشع الاقتصادي على لقمة عيشه، ويروي عطش التواق للكرامة الذي أعيته الإهانات والشعور بالمهانات…
هي إذن تأشيرة العبور لكل هذه المهام النبيلة، هي شهادة حق في وجه الاستكبار الممنهج الذي يمارسه الأخطبوط السياسي والاقتصادي بهذا البلد، هي صك لعتق كل هذه الرقاب المكلومة، هي شهادة حق تسجل في صحيفتك عند ربك قبل أن تسجل في الصندوق الذي أثبت الواقع أنه لم يكن يوما شفافا… هي انعتاقك إلى حرية اختيار من يدير شؤونك بعدل وإخلاص بميزان التوافق والتراضي لا بميزان الإذلال والاستعباد .