متى نشارك بكثافة في الانتخابات؟

أنتم تريدون ونحن نريد والله يفعل في ملكه ما يريد، من كان يظن أو يتوقع في زمن المستبد بن علي أن الإسلاميين سيتولون في يوم من أيام مقاليد الأمور وسيتربعون على عرش جلادهم الذي كان يمنعهم حتى من أداء الصلاة في المساجد آنذاك ويسجن من أسدل لحيته أو عفت نفسها بارتداء اللباس الشرعي؛ في حين كان يحرض على إفطار أيام رمضان جهارا ويشجع على الرذيلة والفحش وقد أبى الشعب التونسي الأبي رغم سنوات التضليل والتعتيم إلا أن يختار التوجه الإسلامي ويضع ثقته في أناس طالما أبعدو وعذبوا لكن المولى إذا وهب فلا تسألن عن السبب.
ونحن نشاهد العملية الانتخابية في تونس ونرى الإقبال الكلي على صناديق الاقتراع من طرف جميع الشرائح الاجتماعية وهم يتمتعون بمعنويات عالية ويسيرون بخطوات حثيثة لأداء الواجب الوطني بما تحمله الكلمة من معاني الشفافية والنزاهة فقد هفت نفوسنا إلى أداء هذا الواجب مثلهم ووددنا لو أن انتخاباتنا حقا ذات مصداقية لكن أحلامنا الوردية لم تدم طويلا فسرعان ما أيقظنا الواقع المرير من هفوتنا بصفعة قاسية بقسوة الظلم الذي لازلنا نعيشه، ونحن نرى خيرات البلاد تستحوذ عليها ثلة من البطون يأكلون ولا يشبعون وفئة عريضة من أبناء الشعب لازالت تعاني من الفقر المدقع، وفئة أعرض منها من الشباب المعطل الذي لا قدرة له لا على بناء أسرة ولا على الزواج فيضل متسكعا في الطرقات يلفظه حي ويلتقمه حي آخر. والمشاكل الاجتماعية تتفاقم يوما بعد يوم والغلاء يقض مضجع الكثيرين فيكتوون بنار القروض الربوية لسد حاجياتهم.
والحال هذا فما جدوى تعديل الدستور أو إجراء انتخابات قبل أوانها إن كان هذا كله لم ولن يغير من الواقع المأساوي شيئا فأصحاب القرار في الخيرات ينعمون بلا رقيب ولا حسيب، والآخرون يلمعون صورتهم ويوهمون الرأي العام الشعبي بأن تغيرات قد تحققت وبأن بلدنا أصبح ديمقراطيا.
وذووا الألباب ليعرفون تمام المعرفة أنما هي لعبة قذرة لذر الرماد في عيون العباد وأن ثمة تغيير جذري في هذا البلد الحبيب لا أساس له من الصحة. وأن المخزن الذي لازال يقمع الأصوات الحرة الأبية من صحافيين ومعطلين وغيرهم ويسجنهم هو نفس المخزن الذي كان في السبعينات.
وليعلم هؤلاء العقلاء أن الانتخابات المقبلة لن تخلو من التزوير والغش والتلاعب واستثمار المال العام لشراء الذمم وغير ذلك… وإلا فما برهان المصداقية الذي يتحدثون عنه خاصة وأن من المرشحين من ضبط في هذه الأيام الأخيرة متلبسا بجريمة الرشوة في مدينة مكناس ولولا الحسابات الشخصية لما ضبط . ومن ثم فالفساد لازال يستشري في الجهاز الحاكم.
وليعلم كل مواطن حر أبي أن عملية التصويت ليست مجرد وضع ورقة في الصندوق وانتهى الأمر، بل هي مسؤولية جسيمة أمام الله أولا وأمام إخوانك المواطنين وليحذر كل مواطن من شهادة الزور فأنت حين تزكي شخصا وتتعهد بأنه سيحقق أشياء أنت لا تعرف مدى قدرته على تحقيق ذلك فإنما أنت تشهد زورا وشهادة الزور من الكبائر كالشرك والعقوق والعياذ بالله. وقانا الله من الموبقات وأعاد لأمتنا عزها وكرامتها آمين آمين والحمد لله رب العالمين.