كثرت الأعياد وغابت الفرحة

ها هم قد أوهمونا في الأسبوع الماضي بأن ثمة عيد آخر قد أطل علينا بمناسبة افتتاح السنة الدراسية الجديدة وهو عيد المدرسة وأنه علينا أن نحتفل به ونسعد لمقدمه؛ لكننا نتساءل عن الشيء الجميل أو الانجاز العظيم الذي يستحق منا الاحتفال؟ هل كنا سنحتفل بالمشاريع الإصلاحية المتتالية التي عجزت أن تعيد لقطاع التعليم ماء وجهه، ولم تفلح في تجميل هذه العجوز الشمطاء وإخفاء تجاعيدها وعيوبها بعد أن أنهكتها العبثية والعشوائية في التدبير فما عاد ينفع معها تزيين؟ وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟ أم كنا سنحتفل بتدني مردود أبنائنا وبناتنا فسنة تلو الأخرى يتقهقر مستوى المتعلمين حتى أنك تجد من تلامذة الثانوي أو من حاملي شهادة الباكلوريا من لا يستطيع تركيب جملة مفيدة، وتبقى النخبة المتفوقة قلة قليلة.
أم كان علينا أن نحتفل بعدم ملاءمة الشواهد المحصل عليها لسوق العمل ومن ثم إنتاج أفواج أخرى وطوابير طويلة من المعطلين؟ لا بل كان علينا بالأحرى أن نحتفل بالمستوى المنحط والمخجل لأخلاق أبنائنا وبناتنا حتى أنك إن وقفت بباب المؤسسات التعليمية وتأملت حال الشباب الذي يدرس فيها لذهلت من سوء ما ترى من سلوكيات منحرفة وما تسمع من ألفاظ نابية وكأن هؤلاء لم يلجوا قط محضنا تربويا بل لربما كانوا في أوكار الخلاعة والرذيلة، فتتساءل في خلجات نفسك ما فائدة العلم دون أخلاق؟ وما جدوى التعلم إن غابت المبادئ وانحط السلوك؟ وما وظيفة المؤسسات التربوية والتعليمية أليست التربية قبل التعليم أم اختلت الموازين؟ألم يحرك فينا قول الشاعر ساكنا ولم يرهبنا ما سنؤول إليه؟ لكنه صدق إذ قال׃إنما الأمم أخلاق ما بقيت***فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبواأي عيد هذا الذي يتحدثون عنه وأي احتفال يزعمون أنه يناسب قطاع التعليم والأولى لهم أن لا يتحدثوا عن هذا القطاع المثقل بالمشاكل التي تنوء بحملها الجبال الشوامخ. هذا ولم نتطرق لمشاكل العاملين بالقطاع سواء العام منه والخاص، فأولئك يعانون من التشتت الأسري الزوجة في واد والزوج في واد والأطفال ضحية يدفعون ثمن اختيار والديهم الذين حسبوا أن هذه المهنة ستشرفهم لما علموا أن المعلم كاد أن يكون رسولا… عدا ما يجدونه من صعوبات في القرى المغربية النائية التي لا تتوفر فيها حتى ضروريات الحياة …والآخرون في القطاع الخاص أدهى وأمر حيث يشتغلون ساعات كثيرة بثمن بخس لا يصل حتى إلى الحد الأدنى للأجور أو إلى التعويض الذي يحصل عليه العاطل في دول الغرب التي تحترم الإنسان وتقدره.أما بلدنا الحبيب الذي عنده كل شيء أغلى وأسمى من الإنسان ولا يقيم له وزنا فإنه يشغله مثل حمار السانية وكم يود أرباب العمل لو أن عهد العبيد لم يولى لاشتروا العاملين واستراحوا من مطالبهم المزعجة .فلك الله يا قطاع التعليم يا أسمى جهاز في البلاد ولكم الله يا سادتنا العاملين به ورفع الله عنا ظلم الظالمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين.