تاريخ جديد تصنعه أيادي شابة

آلمني ما سمعت من بعض من تعودوا أن يعتموا النور في العيون أن هذا الشباب الذي صحا يبحث عن الحق لن يستطيع فعل شيء وأنه يهذي فقط.
بل وإنه يصطاد في الماء العكر ويبتغي الفتنة لأن بلادنا تنعم بالكثير، وهي أحسن من بلاد أخرى.
ترى من الذي يهذي؟
هل من أفاق من سبات يبحث عن حياة أمة ويسعى في بعثها من جديد؟
أم من يعزي نفسه بأن الأمة بخير وسلام وهو يعيش في ذل لا يهمه ما أصاب الأمة من وهن وذل إثر سكوت أمثاله.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده؟ “ 2 .
سكوت أدى إلى انهيار كل المبادئ والقيم التي ربانا عليها الإسلام حتى أصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا.
آه من أمة كانت سيدة الأمم…
أمة سادت يوم كانت تعتز بتطبيق شرع الله تعالى وتعي ما يحمل من معان سامية وشاملة…
أمة علت شوكتها بين الأمم يوم جاهدت لإعلاء راية الإسلام.
أمة وعت همها الفردي وتأهبت لهمها الجماعي فكانت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فاستحقت أن تكون خير أمة أخرجت للناس، ثم حادت عن الطريق مع انتقاض وفساد أول عروة، والذي تمثل في انقلاب الأمويين على الحكم الراشدي فكانت الانتكاسة التي بدأ معها السكوت والخذلان فدب الضعف في صفوف المسلمين مع ابتعادهم عن القرآن والسنة والاحتكام إليهما.
ضعف أطمع الطامعين للنيل منهم شكلا ومضمونا بنشر أفكارهم الرامية إلى تجريد المسلمين من هويتهم التي يعلمون أنها رمز عزتهم فعمدوا إلى مسخها بل ونجحوا في جعلهم يتبرؤون ويستحيون من هذا الانتماء فأصبحت عزتهم في التقليد الأعمى لكل ما هو عربي بدعوى التمدن والحضارة.
أتألم كلما جلست أقارن بين الأمس والحاضر أقارن حالة أمة باعت أصلها وعنوانها بقشور سرعان ما تندثر وتتلاشى فلا الأصل تجد ولا القشور تنفع.
أسف يعتريني على الماضي المجيد كلما رأيت مشاهد الذل والانكسار الذي يمتلئ به واقعنا الأليم.
وأنا في هذه الحالة الممزوجة بالمشاعر المتصارعة المتناقضة بين أسف وألم وحنين وأمل، مر بي طيف أو نور مضيء أو ربما هو ذلك الأمل المنبعث من ذاتي من قلبي الذي يأمل في أن تعود هذه الأمة إلى أصلها إلى عزتها ومجدها، نور يهمس لي أن لا تحزني فالخير في هذه الأمة إلى أن تقوم الساعة، هي وقفة، أو غفلة، كان لابد منها لنعلم أن الخير في الأصل لا في التقليد وأن العودة لا بد لها من عزم وسواعد قوية لتعبد الطريق حتى نصل إلى بر الأمان.
وإن اليوم لهو بداية لكتابة تاريخ جديد، تصنعه أيادي شباب وعى وأدرك أهمية قيامه وإسهامه في تحقيق العدل والحق.
[2] رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن ماجة والنسائي وابن حبان في صحيحه.