الأرض والسماء تبث حزنها إلى الله

يمر بنا يوم الأرض واحتفالاته ونحن على أبواب اليوم العالمي للبيئة وكلها وقفات مع أنفسنا لنتفكر في الأمانة التي عُهدت إلينا بحسن الاستخلاف في الأرض، وقد عرضت هذه الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا، لكأني بالسماوات والأرض يشكين إلى الله ما حل بهما نتيجة استخلاف الإنسان واستنزافه لخيراتها، أبين أن يحملن همَّ هذه الأمانة خوفا من التقصير وتعظيما لشأنها، فحل بها ما كانت تخافه بما جنته يد الإنسان من تلويث وتدمير واستنزاف وتعسف.
أما آن الأوان لعقد الصلح معهما بعزمة أكيدة وصادقة بعيدا عن الشعارات الموسمية والزائفة قد لا تتجاوز الحناجر، فلا بد للإنسان أن يلتصق ببيئته ويحس بها فلا غنى له عنها، وليعلم أن تدميره في تدميرها ونفعه في نفعها، فقلبه ينبض بالصحة والحياة ما دامت بيئته صحية وحية.
فلنتأمل في بيئة الغرب ومدى احترام الإنسان الغربي لها، لعلنا تأخذنا الحسرة على ما آلت إليه بيئتنا وما تشكوه من إهمالنا وتقصيرنا وقسوتنا وتناقضنا مع فطرتنا ومبادئنا، والغريب أننا نصول ونجول غير مكترثين بهذه التناقضات، أنظف بيتي أو سيارتي أو… وأرمي الأزبال خارجا وآخذ حريتي خارجا، دون أن أفطن أن هذه الأزبال قد تؤذيني وتؤذي الآخر برائحتها وبمنظرها، ناهيك عن المصانع والمعامل وما تضخه من غازات سامة في جو السماء فنستعيدها باستنشاقنا لها، وتتكرس هذه الممارسات ويورثها الجيل السابق للاحق وهكذا..فيكفينا فخرا ما سيرويه التاريخ عنا وعن إنجازاتنا!
فما السبيل إلى عقد الصلح مع فطرتنا وبيئتنا بشفافية تامة ورؤية واضحة لما يعيبنا؟
نعود إلى نموذج الغرب فأرى والله أعلم أن تطبيقهم الصارم للقوانين الزجرية المتعلقة بالبيئة في مرحلة أولية كان سياسة لردع النفوس المتهاونة والمقصرة، وشيئا فشيئا أصبحت هذه السلوكيات الصحيحة متعارفا عليها، ثم انتقلت من جيل لآخر عبر التربية والتعود، فأصبحت أمرا واقعا، كما أن منظر بيئة ملوثة وغير سليمة لم يعد أمرا مقبولا ترفضه العين وتعافه النفس.
إذا يلزمنا نحن الشعوب المتخلفة مرحلة انتقالية تعتمد التربية والقوانين الرادعة نحارب بها المألوف الغير المقبول في سلوكنا حتى تصير السلوكيات الصحيحة مكسبا سهلا، وبالموازاة نعطي القدوة للجيل اللاحق فيحافظ على هذا المكسب بإذن الله.